مايو 23، 2011

كيف نعيد العفريت العسكري الى القمقم؟

لايجب أبدا أن يأتي الجيش من تلقاء نفسه الى حلبة الصراعات السياسية الداخلية في مصر، يأتي الجيش فقط على أساس استدعاء من السلطة الشرعية الدستورية، ولمهمة محددة، وتوقيت محدد، أو على أساس استدعاء من الشعب في ظروف أزمة سياسية خاصة، وباحترام نفس الشروط، أي المهمة المحددة، والتوقيت المحدد.
ولو تحرك الجيش أو جزء منه خارج هذه الشروط، لوجبت مقاومته على الفور، بكل الوسائل، باعتباره يمارس عدوانا على حرية الشعب، وعلى طبيعة الحياة السياسية المدنية، وعلى الدستور، وعلى القانون.
والجيش لم يتم قبول انتشاره وتحركه الى داخل البلاد، على أساس تكليف مبارك المثير للسخرية، فمبارك لم يكن يملك سلطة شرعية دستورية، لافي يوم سقوطه، ولا في يوم توليه للسلطة بعد اغتيال سيده. وكذلك فان الشعب حين أطاح بمبارك، فهو قد حرمه من اصدار أي قرارات، اذ أصبح "رئيسا" معزولا، ممنوعا من اصدار قرارات، بل ومحروما من الحقوق السياسية العادية لأي مواطن، ومجرما مطلوبا للعدالة. 
اذن فان الشعب الثائر بالتحديد هو الذي استدعى الجيش. ولمهمتين محددتين، مؤقتتين، بالاضافة الى مهامه الدائمة كجيش وطني:
1 – أن يقمع المجرم عدو الشعب، حسني مبارك، وعصابته، وأن يحمي الشعب من عدوانهم، وأن يحمي اجراءات تقديمهم للعدالة، وأن يحمي اجراءات استرداد ممتلكات الشعب المنهوبة
2 – أن يحمي الأمن العام، بالمعنى الشامل، والمفهوم للأمن في الدول المدنية المحترمة في هذا العالم،
ولا أكثر
والغريب، أن المجلس العسكري قد اصطنع لنفسه دورا سياسيا ليس له، ونصب من نفسه سلطة للدولة، وأعطى لنفسه سلطات مطلقة، تشمل التشريع، واصدار الاعلانات الدستورية، واجراء الاستفتاءات، وتعيين الحكومة والوزراء، والسيطرة على أجهزة الدولة كلها بما فيها الاعلام، وتمثيل البلاد مع العالم ... الخ
وكل هذه السلطات لم يمنحها أحد للجيش. ولا يمكن أن تكون له في أي ظرف. فكلها غير شرعية. وكل مايترتب عليها باطل.

وبينما ركَّز المجلس العسكري على المهام والسلطات التي اصطنعها لنفسه، فقد قام بالتهاون واهدار المهمتين اللتين استدعاه من أجلهما الشعب، بل وأخذ ينزلق الى توجيه طاقة العنف ضد الثوار المسالمين وضد الشعب
واذن فنحن أمام شكل من أشكال الانقلاب العسكري، والاستيلاء على السلطة، يترأسه القائد العام للقوات المسلحة
فالمجلس العسكري قد أهمل المهام الموكولة اليه من الشعب، وقام بفرض سلطاته على البلاد، وعلى الحياة السياسية بأسرها، وعلى النظام السياسي الذي يريد المصريون خلقه في بلادهم
ولابد من اصلاح هذا الوضع على الفور
1 – أن توقف أي مهام سياسية للمجلس العسكري
2 – أن يتم عودة هذا المجلس الى وضعه قبل 25 يناير 2011 ، وبدون رئيسه المعزول – مبارك -  بالطبع
3 – أن يعود القائد العام الى صفته ومنصبه السياسي كوزير للدفاع في الوزارة التي يرأسها الدكتور شرف، وتحت قيادة رئيس الوزراء، وأن تكون تلك الوزارة هي حكومة البلاد بكل الصلاحيات، مع تطهيرها من العناصر التي يرفضها الشعب الثائر، وتعيين وزراء وطنيين يرضاهم الشعب
4 – أن تلغى الاجراءات والقرارات التي اتخذها المجلس العسكري
5 – أن يلتزم الجيش بدوره المحدد في المرحلة الحالية ويتلخص في حماية الأمن العام، وألا يتدخل بأي شكل في الحياة السياسية
6 – أن تقوم الحكومة على الفور بترتيبات قيام جمعية تأسيسية بوضع دستور جديد للبلاد، وطرحه للاستفتاء، وطرح القوانين الجديدة المكملة التي يتم اعدادها، للاستفتاء في نفس الوقت، مع الغاء القوانين السابقة، والقوانين التي أصدرها المجلس العسكري
7 – أن تقوم الحكومة باعداد وطرح مشروع اعادة هيكلة الأجور على مستوى الدولة
8 – تشكيل لجنة اقتصادية من الاقتصاديين الوطنيين لتقديم خطة عاجلة لتجاوز الوضع الاقتصادي الراهن
9 – تقوم الحكومة بمتابعة الاجراءات الضرورية لقمع عصابات النظام الساقط وتقديمهم للعدالة، ابتداء برأس النظام السابق وحتى أعوانه في أمن الدولة، والاعلام، والجامعات، والمحليات، وجهاز الدولة


لن يصنع أحد ملوكا من جديد في مصر
لكننا سنبني جمهورية ديمقراطية حديثة في بلادنا

 " هذا جزء من مقال بعنوان "هيكل، صانعا للملوك" المنشور كاملا في مدونة " ثورة الملائكة

مايو 22، 2011

مصر في مواجهة الاخوان


اعتاد الاخوان المسلمون، وغيرهم من الجماعات ذات الرطانة الدينية، أن يسلكوا سلوكا غير مستقيم، ولا يتسم بالنزاهة،  بمخاطبة العواطف الدينية للناس، لتحقيق أهداف خاصة بهم، تتعارض مع مصالح الشعب، ومع الحقيقة.
هذه الصورة من صور الخداع السياسي، كانت أوضح ماتكون في مسألة الاستفتاء الذي فرضه المجلس العسكري على مجرى التطور السياسي في مصر بعد الثورة، مكملا سلسلة من الارتباكات التي وقع فيها المجلس العسكري، والتي خلقت مأزقا جديدا أمام التطور الديمقراطي في مصر.
وكانت الحسابات السياسية للاخوان تتصورأن التصويت الايجابي بنعم في ذلك الاستفتاء، سوف يسمح لها بوضع متميز على كافة القوى السياسية الوطنية، في حالة اجراء انتخابات مبكرة، وربما يتيح لها وضع سيطرة على مجريات الأمور بعد الانتخابات.
ولجأ الاخوان، دون تردد، الى الخداع، بأن روجوا أن التصويت بالرفض سوف يلغي المادة الثانية من الدستور، وباختصار سيكون ضد الاسلام. وكانت تلك الدعاية تزييفا كاملا للحقيقة، فلم يكن الاسلام، ولا المادة الثانية ضمن مايجري الاستفتاء عليه من مواد. وأخذوا يروجون أن التصويت بنعم هو واجب شرعي، وأن الاسلام أن تقول نعم في الاستفتاء. ودخلت المساجد في حُمَّى تخويف الناس من الاساءة الى دينهم لو كانت نتيجة الاستفتاء هي الرفض.
وبعد أن ظهرت نتيجة الاستفتاء بأغلبية لصالح نعم، دقت طبول النشوة لجماعات الضجيج الديني معلنة انتصار الاسلام، في غزوة الصناديق، وأن على من لايرضيه هذا الانتصار أن يهاجر خارج البلاد.
فالاخوان وحلفاؤهم خدعوا الشعب مرتين: حين صوروا له أن هناك تهديدا للاسلام، وأن الشريعة الاسلامية تأمر بالتصويت بنعم للدفاع عن الاسلام، والثانية حين أعلنوا أن نتيجة الاستفتاء هي انتصار للاسلام. وهم كاذبون في الحالتين.
وبما هم كاذبون ومخادعون، فلا يمكن تصور أن تزدهر كنوز الشريعة الاسلامية على أيديهم. فهم لايرون الا مايتناسب مع ضمائرهم المظلمة، ولا يدور بخيالهم من الشريعة سوى العقاب والحدود، فيتوقون الى مشاهد الدم وتقطيع الأيدي، وتقطيع الأرجل، والقتل، والجلد، والرجم بالحجارة، والصلب. 
هذه المشاهد، تعرفها جيدا واحدة من أكثر البلاد فسادا على سطح كوكبنا. فمملكة آل سعود أبعد ماتكون من المدينة الفاضلة، وهي تطبق الحدود التي يحلم بها الاخوان في بلدنا الطيب. والشعب في الحجاز ونجد وعسير، تائه ومسحوق تحت وطأة استبداد ملوكه وفسادهم، بل وفجورهم الاسطوري، واستبداد ودموية رجال الدين الوهابي. وحين يتاح لهذا الشعب أن يسافر ويرحل خارج القفص السعودي الوهابي، فانه يكشف عن قدر التشوه الذي لحق بروحه وضميره. هل يعرف الاخوان وحلفاؤهم ذلك، كما يعرفه كل المصريين؟
وحين سيطرت على الاخوان نشوة الدراويش بعد الاستفتاء، فقد اندفعوا دون كابح في اعلانات هزلية. فأعلنوا أن هدفهم هو الدولة الاسلامية، واقامة الحدود. وماذا عن تصفية الفساد والاستبداد في مصر الذي ثار الشعب ضده؟ وماذا عن بناء جمهورية ديمقراطية برلمانية في مصر؟ وماذا عن بناء صناعة حديثة متطورة، ودولة حديثة محترمة، تقوم على العقل  والعدل والقانون والعدالة الاجتماعية وصيانة حرية الانسان وكرامته؟ وماذا عن دورنا واسهامنا وقيمتنا، نحن المصريون، في الحضارة الانسانية؟ لاشيء في ضمير الاخوان من ذلك كله.
فالاسلام اطلق حضارة عظمى في التاريخ الانساني، حين كان ينتصر للعقل والعدل والحرية. فحرية التفكير وحرية التعبير وحرية الابداع كانت طبيعة للمجتمع وللدولة في زمن الازدهار. وحين ظهر أمثال الاخوان والوهابيين والسلفيين، فقد كان ذلك دائما ايذانا بانطفاء مشعل العقل والعدل والحرية، وانهيار الحضارة. 
ليس أمثالكم أبدا من كانوا بناة للحضارة في العصور الزاهرة التي مضت. أناس مختلفون تماما، يشبهون تمام الشبه أولئك الشباب المصريين الرائعين، الذين هبطوا من الفيسبوك الى مصر فأضاؤها بالأمل. اولئك الشباب الذين نادوا شعبهم، في يومهم الأول لحملتهم الأسطورية لتخليص أمهم مصر من العبودية: يا أهالينا، ضموا علينا. عيش حرية كرامة انسانية. هؤلاء هم الذين يحملون مشعل العقل والعدل والحرية. هؤلاء وأمثالهم هم أبطال الزمن، الذين سيجعلون من مصر مرة أخرى، مركزا للحضارة الانسانية، وملهما للدنيا بأسرها.
أما انتم، بحالتكم الزرية هذه، فأنتم عبء على مصر، عبء على حاضرها، وعلى مستقبلها. أنتم رجال كهوف، لابناة أوطان وحضارة.    
لسان حال بناة الحضارة الذين يكتبون تاريخ مصر الآن يقول لكم: اسلامنا اسلام حضارة وحياة، أما أنتم فاِسلامكم ذريعة وأداة
تتحدثون باسم الشريعة، فنقول لكم: لاتتحدثوا باسم الشريعة، فقد شوهتم وجهها، وأنطقتموها بالشيء ونقيضه، وأخرستموها حين تشاء أهواؤكم.
وآخر تشدقاتكم بالشريعة، وادعاءاتكم باسمها، نراه في بيانكم الأخير الذي أصدرتموه تعارضون العفو عن الطاغية، وحسنا فعلتم، لكنكم ذيلتم بيانكم بذلك الثقب الذي ينفذ منه الشيطان، كعادتكم، ودائما باسم الشريعة. تأملوا عبارتكم: "إن أحدًا أيًّا كان لا يملك العفو إلا أولياء الدم في حالة القتل، وهذا ما تقضى به الشريعة الإسلامية"
من مثل هذا الثقب، ينفذ أصحابكم، أمثال المجرم هشام طلعت مصطفى. لاتملك الأسرة أن تعفو عن قاتل ابنها. اذا قرأتم: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا"، فربما تدركوا أن العقاب الذي يوقعه المجتمع على القاتل، حين يمثل المجتمع في القانون، لايمكن أن يعفي القاتل منه أحد.
وأتصور، أنه اذا كان أمثالكم هم الذين سيترجمون "شريعتكم" الى قوانين، طبقا للعبث الذي ناديتم به مع أنور السادات، باقحام نصوص عن الشريعة الاسلامية في الدستور، فلتبشر مصر، بأنها على أيديكم، ستتحول الى مايشبه مملكة آل سعود في أسرهم هم ودمويي الوهابية، أو الى دولة طالبان، حيث مزجوا بين زراعة وتجارة الأفيون والشريعة وتحطيم تماثيل بوذا وتحطيم أجهزة التليفزيون. ولن يكون هذا أبدا مصير مصر.
لم تكونوا أبدا، صديقا مخلصا، ولا حليفا موثوقا. فكنتم شوكة في خاصرة الحركة الوطنية المصرية ضد الاحتلال الانجليزي، منذ ظهرتم على وجه حياتنا، وكنتم عوْنا للاحتلال والملك، فبينما تقاتل مصر الامبراطورية البريطانية، واستبداد القصر وحكوماته، كنتم أنتم ترفعون شعاركم الشهير بحملة "تحطيم الخمارات"، وتحاولون أن تجذبوا الشعب بعيدا عن الاهداف الكبرى، الى صغائر الأمور، فتدعون الشعب الى قتال حفنة من السكيرين، بديلا عن قتال امبراطورية الشر التي تقهر وطنكم وتستعبد العالم، وبديلا عن مواجهة الملك الديكتاتور الفاسد وحكوماته.  
وأنتم أدمنتم المناورة، والخداع، والانقلاب، فهي شريعتكم الحقيقية، ومنهجكم للاستيلاء على السلطة. وحاولتم السيطرة على عبد الناصر وحركته، حتى دبرتم قتله في المنشية في 1954، فأسهمتم أكبر اسهام في تحويل هذا السياسي الوطني الفذ الى وحش ضار، فتك بكم، وبالديمقراطية كلها، ودشن استبدادا أسود، عاشته مصر حتى 25 يناير 2011.
كنتم دائما كارثة وعارا على وطنكم، وعلى أنفسكم، وعلى دينكم الذي تدَّعون.
فمفهومكم واحساسكم بالوطن والوطنية المصرية، هي موضع اضطراب وخلل شديدين. أذهانكم غريبة، هذا الجهاز البشري، العقل الاخواني والسلفي والجهادي المحير، تقاوم الفكرة والشعور الفطري بالوطن والوطنية، لصالح أفكار خرافية وهلامية، مشينة لا تشرف مصريا، وفي هذا تخالفون وحدكم الحس الوطني الفطري العميق للمصري، أيّا كان ربه.
يوم غزا الصهاينة أرض بلادنا، واحتلوا سيناء، ودمروا جيش مصر وأذلّوها، سجد محمد متولي الشعراوي، أحد كبرائكم، "شكرا لله"، فقد تخلص الشعراوي هكذا من عبد الناصر، وأدرك ثأره معه، بيد الصهاينة، ضد مصر كلها، أرضا وتاريخا وشعبا ووطنا وكرامة ووطنية. في نفس السياق يأتي تصريح مرشدكم، المرشد الفكاهي، محمد مهدي عاكف: "طظ في مصر". كيف يمكننا أن نفهم هذه الظاهرة العقلية والنفسية التي تمثلونها في عصرنا؟ واحد من شبابكم الذين دخلوا الفرن الوطني المصري العظيم لثورة 25 يناير، عكس بشكل رائع مانريد أن نقول عن هذا الفصام المريع ، فقد كتب هذا الشاب على قميصه في التحرير، أيام الكرب العظيم، موجها كلامه لمبارك "منّك لله. خلّيتني أحب مصر". نحن لانفضحكم، نحن نلفت نظركم الى أمراضكم، ونرجو لكم الشفاء منها.
بعد كارثة 1967، هبت الحركة الوطنية والديمقراطية المصرية، تقول لعبد الناصر: كفى، أيها الرئيس. الشعب يريد حريته، وحقه في مقاومة العدو، وطرد الاحتلال. ومات الرجل، بعد أن قدم كل ماكان في طاقته لمهمة بناء الجيش وتحرير الأرض،  بينما أصرّ على قبضة الديكتاتور، التي تجاوزها الزمن. هي غريزة العسكر، وعادة الاستبداد.
وجاءنا النظام الديكتاتوري في 1970 بالسادات، الذي تلقاه المصريون بالدهشة والسخرية. كانت هناك شكوك شعبية قوية مبكرة في هذا الرجل، فيما يتعلق بكفاءته، وسلامة ارادته الوطنية، ولم يصدقه أحد حين رفع شعارات سيادة القانون، ودولة المؤسسات، وحرق شرائط التجسس، خلال صراعه على السلطة مع من وصفهم له هيكل "بمراكز القوى".
كان طعم الهزيمة والعار والانكسار المصري أمام جيش الصهاينة مرّا، مرارة لايعرفها الا من كابدها. حزن رهيب، عصر قلب المصريين، وأشعل في مصر ارادة مقاومة وطنية اسطورية.
هبت الحركة الوطنية الطلابية من جديد في يناير 1972، قوية فتية ورائعة، تفضح وتقاوم تخاذل السادات في مهمة تحرير الأرض، واستمرار دولة الاستبداد البوليسية.
دعا السادات الاخوان للعمل على تحطيم هذه الحركة الوطنية فوضعوا أنفسهم في خدمته على الفور. استخدم شباب الاسلام بالتنسيق مع عملاء أمن الدولة، كل الأساليب القذرة لشق الحركة الطلابية الوطنية وتمزيقها. لم يكونوا أبدا جزءا من التيار الوطني للحركة، وانما لعبوا دورا مماثلا لدور البلطجية والمحرضين البوليسيين الذين عرفتهم ثورة 25 يناير.
فتحت دولة السادات البوليسية الباب على مصراعية أمام ظواهر جديدة مدمرة لحاضر ومستقبل مصر، لم تكن موجودة في العهد الناصري: استخدام الاخوان وباقي حلفائهم ومختلف الجماعات الاسلامية في كهوف الاسلام السياسي، بعد اطلاق يدهم في الحركة، لدعم دولة "العلم والايمان" و "أخلاق القرية" و "كبير العائلة"، وتحطيم الحركة الوطنية الديمقراطية. في نفس الوقت بدأ استخدام أساليب التحريض على الكراهية والتعصب الديني، لجذب الجماهير بعيدا عن قضايا الكفاح الشعبي الحقيقية. وبدأت عملية زرع بذور جماعات البلطجة المكونة من المهمشين وحثالة المدن، والتي تعمل تحت امرة أمن الدولة.
ثم عمد السادات بعد ذلك الى توريد آلاف من الشباب المصري المسلم، للجهاد في أفغانستان، بالتعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية، والمخابرات السعودية، والمال السعودي.
وشهدت تلك الفترة بدايات انتشار وبائي لدعاية دينية فجة عن النجاسة والطهارة والجن والملائكة، وصلت في القرن الحادي والعشرين في عهد مبارك الى فتاوى شرب بول النبي الكريم، والتبرك بعرقه، ولم تعدم ابداعات خادشة للحياء، كفتوى ارضاع الكبير.
وأفردت وسائل اعلام بلا حدود، لما عرف بالدعاة، وبدأت الظاهرة في عهد السادات بمن منحوه لقبا غير مسبوق في التاريخ الاسلامي "امام الدعاة" لمحمد متولي الشعراوي، الذي احتكر التليفزيون والصحافة والاذاعة وتأليف كتب لاحصر لها، واتيح له الالحاح صورة وصوتا ومطبوعة وايحاء على ملايين المصريين. وبالاضافة الى ماسبق وذكرناه عن أفكار الشعراوي وأحاسيسه أمام احتلال أرضنا وهزيمتنا في 1967، فالرجل نفسه قد افتى بحرمانية زراعة الأعضاء البشرية، سواء كانت كلية أو قلبا أو كبدا أو قرنية عين .. الخ وله في ذلك تخريجات عجيبة، وهو كذلك من أفتى وحض على وجوب ختان البنات، وقدم أسبابا عبثية مخجلة لتدعيم رأيه، وهو من رأى في ارتداء لاعبي الكرة للشورت فتنة. وهو نفسه الذي خرج على مصر ذات صباح أسود بفتواه بتكفير ثلاثة من درر تاج مصر: الأستاذ توفيق الحكيم، والدكتور يوسف ادريس، والدكتور زكي نجيب محمود. وغير ذلك كثير من ابداعات امام الدعاة.
وبمرور الزمن، وبالوصول الى عهد مبارك الذي طال حتى خنقنا، تكاثرت أعداد من امتهنوا مهنة من لامهنة له، وأصبحوا دعاة. تكاثروا كالطحالب، والبكتيريا الضارة.
لاأحد منهم تبنى يوما قضايا الشعب الكبرى، وقضايا الوطن الكبرى. لاأحد منهم يوما قاوم الفساد والاستبداد والتفريط في مصالح الوطن على أيدي حكامه وعصاباتهم. لاأحد منهم أبدى أى فهم واع لأزمات مصر الحقيقية، وطرق تجاوز الأزمات، والتغيير، وبناء المستقبل.
وكم هم مضحكون كالقرود اليوم وهم يتقافزون جميعا الى عالم الثورة. أدواتهم الفكرية بليدة وصدئة، ولا تفهم مشكلات الوطن، ولا سبل الحل.
في فجر يوم النكبة، 15 مايو، اطلعنا على وعي الداعية الشهير الذى صلى بالناس اماما وخطيبا في التحرير. الرجل كان يصرخ، وانحصر نضاله ووعيه بالصراع مع الصهاينة الآعداء، في الصراخ، و الدعاء عليهم، والتعامل معهم في اطار أنهم يهود، وأن جيش محمد سوف يعود، وأننا سنموت من أجل المسجد الأقصى.
الصهاينة هم عصابات مجرمين مستوطنين غربيين، احتلو أرض فلسطين، وطردوا شعبها، وخلقوا أبشع استعمار استيطاني في التاريخ، وبنوا آلة حرب ودمار حديثة ضخمة، شكلت و تشكل تهديدا استراتيجيا تاريخيا لمصر، ولكل شعوب المنطقة، وللسلم العالمي، وللحضارة الانسانية، وكل ذلك تم في اطار مشروع استعماري غربي للسيطرة على المنطقة ومواردها، وعلى العالم. المشروع الاستعماري الغربي  الذي يدعم الصهاينة واستيطانهم وآلتهم العسكرية، يدين معظم صانعيه نظريا بالمسيحية، بينما المستوطنون في فلسطين، يدينون باليهودية، وهم طردوا شعب فلسطين وشردوه، مسلمين ومسيحيين، وفي نوبات عدوانهم الجنوني علي الشعوب العربية، قتلت قنابلهم كل الناس، مسلمين ومسيحيين.
ومن الخطأ، أو المغالطة، أن نعتبر هذا الصراع الكبير صراعا دينيا بين الاسلام واليهودية. انه حركة مقاومة وطنية شاملة ضد الاستعمار الغربي، بزعامة الولايات المتحدة، وضد البؤرة الاستيطانية العدوانية التي خلقها الاستعمار الغربي، بالتحالف مع الجزء الصهيوني في هذا الاستعمار الغربي. فالصهيونية الاستيطانية العدوانية هي جزء من الاستعمار الغربي ومصالحه. ومن هنا فان القوى المستنيرة، المعادية للاستعمار، في الغرب نفسه، وفي العالم كله، هي نصير حازم للنضال الوطني للشعب الفلسطيني، والشعوب العربية. وكم تظاهر مئات الالوف من الشعوب الاوروبية، وشعوب العالم في عواصمهم ومدنهم تأييدا لشعب فلسطين، واحتجاجا على حكوماتهم. والقوافل التي تذهب ببسالة لكسر الحصار على شعب غزة، وامداده بالمعونات، تأتي من اولئك الناس الغربيين الأحرار، المناصرين للكفاح ضد الصهيونية والاستعمار.
أما القدس، فهي جزء من هذا الصراع، ولا يجب أن يختزل الصراع الى أن يكون القدس أو المسجد الأقصى. وكما قال مرة مفكر فلسطيني "القدس كلها أقصى، وفلسطين كلها قدس". الحاق الهزيمة بالصهيونية الاستيطانية، وآلتها العسكرية، هو الذي سيعيد القدس، ويعيد المسجد والكنيسة الى أهلها. هذا يتطلب أن تصبح مصر مجتمعا ديمقراطيا، صناعيا، حديثا، متقدما. ولن يكون مثل هذا المجتمع بحاجة الى خداع النفس، والاكتفاء بالدعاء على اليهود من ميدان التحرير.  
الاخوان وحلفاؤهم الآخرين من رجال الكهوف، يمثلون عبئا ومشكلة أمام التغيير في مصر.

مايو 21، 2011

هيكل، صانعا للملوك


"لايمكن النظر للأستاذ هيكل على أنه كاتب ذو قيمة نظرية"


 حكى الأستاذ هيكل أنه تلقى دعوة من المرحوم رفيق الحريري على يخته في البحر المتوسط، وهناك قدم له الحريري رجلا في ضيافته وهو يقول لهيكل: فلان، رئيس لبنان المقبل. وتعرف هيكل في الشخص على رجل مخابرات كان قد سمع به، ويحكي هيكل انطباعاته عن هذه الحادثة وهو يلاحظ ساخرا أن هذا الرجل، الحريري، الطموح الى لعب دور سياسي في بلاده، بدا له كصانع للملوك، وهو رجل بالغ الثراء، وبالغ الطموح، ومتواضع الثقافة، والمعرفة السياسية، ويتحدث بهذه الخفة والثقة عن رئيس للبنان يخرجه من جيبه ويقدمه لضيوفه بهذه الطريقة. وبالطبع لم يسجل التاريخ اللاحق أن مرشح الحريري قد أصبح رئيسا للبنان ولا لأي بلدية فيها.
واليوم يفاجئنا الأستاذ هيكل باقتراح مشئوم، يمكن أن يكون له لو تحقق، تداعيات بالغة السوء على مستقبل مصر المنظور، اذ يقترح أن يتولى المشير طنطاوي مهمة رئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية.
وقد سبق أن لعب الأستاذ هيكل دورا حاسما عام 1970، فتح الطريق الذي بدا مسدودا أمام أنور السادات، ليصبح رئيسا للجمهورية، وليخلف عبد الناصر، ولينتهي بنا السادات الى كامب دافيد، وتأسيس أركان جمهورية الفساد، والتلاعب بالدستور والقانون، واثارة الكراهية والتعصب الديني بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر، وتقديم مصر هدية مكبَّلة للولايات المتحدة والدولة الصهيونية، وفتح الطريق أمام الغوغاء باسم الدين، وتدشين اتجاهات في السياسة والسياسة الخارجية والاقتصاد والثقافة والقيم ألحقت أشد الضرر بمصر ومستقبلها، والسادات أيضا هو الذي ترك لنا حسني مبارك.
والأستاذ هيكل ليس مسئولا بالطبع عن الكوارث التي آل اليها حكم السادات، رغم أن ايضاحات هيكل لأسبابه في صناعتة للسادات ملكا، بدعمه في حسم صراعه مع من أسماهم هيكل "مراكز القوى" من رجال عبد الناصر، ودعمه بالمشورة وبالآلة الاعلامية الجبارة التي كان هيكل يملكها والتي قامت بتسويق السادات جماهيريا وتصنيع المنطق اللازم لقبول رجل لم يكن مقبولا بالمرة، ولم يكن أحد في مصر كلها يتصوره رئيسا، حتى أن نجيب محفوظ ذهب ليتحدث الى زوجته عن حيرته كيف يصبح هذا الأراجوز رئيسا لمصر، وقد اقتصرت ايضاحات هيكل لدوره على أنه كان يدعم الشرعية واستقرار الدولة بعد الغياب المفاجىء والمزلزل لجمال عبد الناصر، وفي ظروف الهزيمة العسكرية واحتلال سيناء.
والمشكلة مع هيكل هنا، هي اننا لانرى رأيه في أن المناداة بالسادات رئيسا، وبالطريقة التي تمت صناعته بها، كانت انتصارا للشرعية، فقد بدا ذلك كله في عام 1970 أقرب الى افتعال رئيس غير مقبول من الشعب، وتسويقه اعلاميا وجماهيريا، وخلق الاعتياد على وجوده، واستخدام مجمل الأدوات الديكتاتورية التي أبدعها وطورها النظام الناصري مثل ترشيح البرلمان، المشكوك دائما في شرعيته، لشخص واحد لمنصب الرئيس، ليتم اختياره بالاستفتاء، الذي يملك مفاتيحه وزير الداخلية.
أي أن هيكل كرَّس "شرعية" صناعة الديكتاتور العسكري البائس في لباس مدني وبايب وقتها، مهما حسنت نواياه.
وما كانت هذه هي الشرعية التي تليق بمصر في أي وقت من الأوقات، ولا الشرعية التي تحتاجها والتي تمكنها من مواجهة أزماتها المتعددة تاريخيا، بما في ذلك مقاومة العدو الذي غزا مصر واحتل أرضها، ودمر جيشها آنذاك.
لقد كان هيكل وقتها في أزمة اختيار بين شرَّيْن، رجال عبد الناصر وأنور السادات، على أرض استمرار النظام الديكتاتوري، وشرعية الديكتاتور، فاختار ماتصوَّر أنه أهون الشرين: أنور السادات.
وكان الواجب الوطني وقتها، وفي كل وقت، أن يُفتح الطريق أمام الدولة الديمقراطية الحديثة، لتقود مصر في ظروف الحرب وظروف السِلْم. أما نظام شرعية الديكتاتور، فقد أدى في حالة أنور السادات، الى تسليم السلطة لديكتاتور مغامر وجاهل، وشخصية تعاني من انحطاط ثقافي وقيمي ومن اضطراب نفسي.

ورغم أن هيكل كان سجينا عام 1981، لحظة اضطر أنور السادات لترك السلطة، فان النظام الذي وضع هيكل فَلْسَفَته، وهو مايسميه الشرعية، وانتقال السلطة في اطار  الشرعية، وهي كما رأينا شرعية زائفة، لأنها شرعية اصطناع ديكتاتور ليخلف ديكتاتورا، كان هو بحذافيره النظام والآلية التي خدمت حسني مبارك ليكون رئيسا لمصر هو الآخر. لقد أصابت بركات هيكل حسني مبارك، حتى وهو قابع في سجون سيده. لهذا، يجب أن يكون مبارك ممتنا لهيكل، بنفس قدر امتنانه لسيده.
وهكذا، فان الأستاذ هيكل، صنع لمصر في تاريخها الحديث مَلِكَيْن كارثيين. أحدهما مباشرة، والثاني بفضل القاعدة التي وضعها في عام ، 1970. والأستاذ بالقطع، لم يكن يعرف أنه يصنع كارثة، لكنه كان بالتأكيد يعرف أنه يكرس نظام الشرعية الزائفة للديكتاتور. وهذا بالتحديد ماتحتاج مصر الخلاص منه الى الأبد.
  وبعد 40 سنة أخرى، فان اقتراح الأستاذ المتعلق برئاسة مؤقتة للمشير طنطاوي، هو اقتراح كارثي، مهما كانت الأسباب والتبريرات. لقد قال هيكل في حديثه أنه لايجد حرجا في هذا الاقتراح، والواقع أنه يجب أن يجد فيه حرجا شديدا، وأن يتفهم الانتقاد الصارم الذي يوجه الى مثل هذه الأفكار، وهوانتقاد يصل الى حد اللوم بل والادانة مع شديد الأسف.
لايجب أبدا أن يأتي الجيش من تلقاء نفسه الى حلبة الصراعات السياسية الداخلية في مصر، يأتي الجيش فقط على أساس استدعاء من السلطة الشرعية الدستورية، ولمهمة محددة، وتوقيت محدد، أو على أساس استدعاء من الشعب في ظروف أزمة سياسية خاصة، وباحترام نفس الشروط، أي المهمة المحددة، والتوقيت المحدد.
ولو تحرك الجيش أو جزء منه خارج هذه الشروط، لوجبت مقاومته على الفور، بكل الوسائل، باعتباره يمارس عدوانا على حرية الشعب، وعلى طبيعة الحياة السياسية المدنية، وعلى الدستور، وعلى القانون.
والجيش لم يتم قبول انتشاره وتحركه الى داخل البلاد، على أساس تكليف مبارك المثير للسخرية، فمبارك لم يكن يملك سلطة شرعية دستورية، لافي يوم سقوطه، ولا في يوم توليه للسلطة بعد اغتيال سيده. وكذلك فان الشعب حين أطاح بمبارك، فهو قد حرمه من اصدار أي قرارات، اذ أصبح "رئيسا" معزولا، ممنوعا من اصدار قرارات، بل ومحروما من الحقوق السياسية العادية لأي مواطن، ومجرما مطلوبا للعدالة. 
اذن فان الشعب الثائر بالتحديد هو الذي استدعى الجيش. ولمهمتين محددتين، مؤقتتين، بالاضافة الى مهامه الدائمة كجيش وطني:
1 – أن يقمع المجرم عدو الشعب، حسني مبارك، وعصابته، وأن يحمي الشعب من عدوانهم، وأن يحمي اجراءات تقديمهم للعدالة، وأن يحمي اجراءات استرداد ممتلكات الشعب المنهوبة
2 – أن يحمي الأمن العام، بالمعنى الشامل، والمفهوم للأمن في الدول المدنية المحترمة في هذا العالم،
ولا أكثر
والغريب، أن المجلس العسكري قد اصطنع لنفسه دورا سياسيا ليس له، ونصب من نفسه سلطة للدولة، وأعطى لنفسه سلطات مطلقة، تشمل التشريع، واصدار الاعلانات الدستورية، واجراء الاستفتاءات، وتعيين الحكومة والوزراء، والسيطرة على أجهزة الدولة كلها بما فيها الاعلام، وتمثيل البلاد مع العالم ... الخ
وكل هذه السلطات لم يمنحها أحد للجيش. ولا يمكن أن تكون له في أي ظرف. فكلها غير شرعية. وكل مايترتب عليها باطل.

وبينما ركَّز المجلس العسكري على المهام والسلطات التي اصطنعها لنفسه، فقد قام بالتهاون واهدار المهمتين اللتين استدعاه من أجلهما الشعب، بل وأخذ ينزلق الى توجيه طاقة العنف ضد الثوار المسالمين وضد الشعب
واذن فنحن أمام شكل من أشكال الانقلاب العسكري، والاستيلاء على السلطة، يترأسه القائد العام للقوات المسلحة
فالمجلس العسكري قد أهمل المهام الموكولة اليه من الشعب، وقام بفرض سلطاته على البلاد، وعلى الحياة السياسية بأسرها، وعلى النظام السياسي الذي يريد المصريون خلقه في بلادهم
ولابد من اصلاح هذا الوضع على الفور
1 – أن توقف أي مهام سياسية للمجلس العسكري
2 – أن يتم عودة هذا المجلس الى وضعه قبل 25 يناير 2011 ، وبدون رئيسه المعزول – مبارك -  بالطبع 
3 – أن يعود القائد العام الى صفته ومنصبه السياسي كوزير للدفاع في الوزارة التي يرأسها الدكتور شرف، وتحت قيادة رئيس الوزراء، وأن تكون تلك الوزارة هي حكومة البلاد بكل الصلاحيات، مع تطهيرها من العناصر التي يرفضها الشعب الثائر، وتعيين وزراء وطنيين يرضاهم الشعب
4 – أن تلغى الاجراءات والقرارات التي اتخذها المجلس العسكري
5 – أن يلتزم الجيش بدوره المحدد في المرحلة الحالية ويتلخص في حماية الأمن العام، وألا يتدخل بأي شكل في الحياة السياسية
6 – أن تقوم الحكومة على الفور بترتيبات قيام جمعية تأسيسية بوضع دستور جديد للبلاد، وطرحه للاستفتاء، وطرح القوانين الجديدة المكملة التي يتم اعدادها، للاستفتاء في نفس الوقت، مع الغاء القوانين السابقة، والقوانين التي أصدرها المجلس العسكري
7 – أن تقوم الحكومة باعداد وطرح مشروع اعادة هيكلة الأجور على مستوى الدولة
8 – تشكيل لجنة اقتصادية من الاقتصاديين الوطنيين لتقديم خطة عاجلة لتجاوز الوضع الاقتصادي الراهن
9 – تقوم الحكومة بمتابعة الاجراءات الضرورية لقمع عصابات النظام الساقط وتقديمهم للعدالة، ابتداء برأس النظام السابق وحتى أعوانه في أمن الدولة، والاعلام، والجامعات، والمحليات، وجهاز الدولة
لن يصنع أحد ملوكا من جديد في مصر
لكننا سنبني جمهورية ديمقراطية حديثة في بلادنا
هذه لحظة اختبار للجميع
فللنهض بثبات من أجل انقاذ الوطن

مايو 19، 2011

الخطيئة الكبرى

الخميس
وغداً نهاراً
تسري روحي
من غربتي
الى موضع محراب الخلق ِ
في الميدان ِ
تتمايل وَجْدا
وتتطهرُ
وتتحدُ
بجلال الجموع ِ

وغداً
أهتف لجمهوريتي
وأصافح اخوتي
وأجدد اعتناقي
لثورتي

ويدور حديثنا
وسط الأناشيد
والخطب ِ
عما جرى لنا
في مائة يوم
كأنها قرنٌ
وعما ينتظرنا
في مُقبل الزمن ِ

وعن سلطانٍ مُفْلس ِ
وعن حال البلاد
والعباد
وحريق الكنائس ِ

وعن رجال الكهف

وعن آخر خطايا
المجلس ِ
وعن آخر ابداعات
المجلس ِ

وعن سجون رقيعة
وقاضٍ تائه مايزال
يطلق الآثمين
ويحبس الأبرار

وعن غاز مسروق
تظمأ له
أنابيب القاهرة
ويملأ
بطن دبابة
تفترس
أهلنا
في السامرة

وعن خيمة الفساد الكبير
المظلمة
وعن أهل الخيمة
جميعا
في الظلام
يتفقون
أو يتقاتلون
وعن خوف الفساد
من الفساد
وعن خوف الفساد على
ماسرق الفساد
وعن خوف الفساد
أن ينتهي
زمن الفساد

وألف مرة
في يوم الجمعة
نشير الى أرض الميدان
ودموعنا تصلّي
وتفيض نهرا
هاهنا
أثر
لدم زكي


ويدور حديثنا
وسط الأناشيد
والخطب
كذلك
عن أحلامنا

في وطن مريح
لكل الناس
ومدارس جميلة
لأطفالنا جميعا
وحليب
 وصاروخ مصري
يرفع قمرا مصريا
فوق السحاب
وكرامة
تستوطن البلاد
تكون ملكا أبديا
لكل الناس

أما اولئك المختالون
بأوسمتهم الكثيرة
في غير بطولة
فأشهدهم غضبي
ويسمعون النذير في آذانهم
يخرقها:
يا اخوتي
إياكمُ والدم
إياكم وقهر البلاد
فيأتي صدام الحديد والدم
ويغشى البلاد
ويأتي سفر التدمير
ويأتي هول
ويأتي رعب
ونار كثيرة
وسحائب دخان
وتأتي آلات
تأكل جسد الانسان
فتثمل
وتظن انتصارا
فإذا بالآلة
تقتل نفسها
تختنق بالدم
وتموت الألة
ويموت الحديد
وينمحي ذكر الجنود
ويبقى الشعب


اضراب الأطباء



كتبت الدكتورة منى مينا رسالة عن محتوى ونتائج لقاء ممثلي اضراب الأطباء مع ممثلي حكومة الدكتور شرف، وأود أن أعبر عن تحياتي للدكتورة منى مينا،  التي يشرفنا ان يجسد الاطباء في شخصها نموذجا للقيادة الوطنية المصرية الميدانية الواعية والصادقة.
وقد لاحظنا بوجه عام أن الاجابات التي تلقيناها من الدولة بهذا الشكل لايمكن أن تكون مرضية للأطباء، ولا دليلا على أداء رشيد للحكومة طال انتظارنا له.  
على أن اسوأ الاجابات من الحكومة كانت فيما يتعلق بمطلبنا باقالة وزير الصحة،  فلا نعتبرمطالبة الحكومة لنا باللجوء الى القضاء بأنفسنا، ضد وزير الصحة، الا على أنه مناورة غير نزيهة، واخلال من الحكومة بواجبها وباستقامتها، وحماية لوزير فاسد، اذ تلقي الحكومة على كاهلنا واحدا من صميم مسئولياتها في اكتشاف واثبات وملاحقة فساد واحد من أعضاء الحكومة.
وقد أصبح واضحا لدى عامة الناس، من خبرة الأشهر الثلاثة الماضية فحسب، أن الدولة الفاشلة لها اجهزة رقابة فاشلة وربما متواطئة وفاسدة، أما القوانين التي سنت طيلة عهود الاستبداد،  وجهازالقضاء فقد ثبت تماما أنها على دين ملوكها، أعجز من أن تقيم في مصر عدلا.
 فهل يرى دكتور شرف والمجلس العسكري ان من استوزروه لصحة المصريين لاتحوطه شبهات وبغض جماهيري كاف فينحى عن منصبه؟ وهناك في مصرالعشرات من الأطباء الوطنيين المؤهلين الذين كان يجب اختيار أحدهم، لتطهير واصلاح وزارة الصحة، وطمأنة الناس أن وزراءهم يتم اختيارهم وفق معايير النزاهة والكفاءة والوطنية ورضا الشعب؟
هل يرون ان رفض الاطباء لوزير الصحة نابع من مجرد هواجس؟
لقد أظهر الشعب مشاعره وأفكاره مؤخرا تجاه وزير نظيف وكفء ووطني: فقط انظروا للموقف الشعبي من نبيل العربي لتفهموا خطيئتكم في اختيار نائب رئيس وزرائكم، والعديد من الوزراء، والمحافظين.
بازاحة السيد نبيل العربي الى منتدى حكومات العرب الديكتاتورية الفاسدة، يبدو لنا أن الحكومة مصرة على أن تسير عكس اتجاه رغبات الشعب والمصلحة الوطنية، فالحكومة تطهر مجلس الوزراء من الوزراء الصالحين الذين يحبهم الشعب ويثق بهم، بينما تصر على استبقاء وزراء فاسدين يمقتهم الشعب


سلاحكم


سلاحكم
لنا
بلادنا
لنا
حديدكم وناركم
لاتخيفنا
فاننا
نكره الهوان

جميلة



الورود جميلة
والعواصف جميلة
والزلازل جميلة
والبراكين جميلة
وأنت، يا مصر
جميلة

همس


رأيت ضوء شهيد
في التحرير
هامسني
من أنت؟
ومن أين جئت؟
هامسته
أنا؟
أنا من بَعَثت
ومن كل تراب مصر
جئت

مايو 17، 2011

العفو عن مبارك، تلويث لشرف مصر، وشرف العسكرية المصرية

 أرجوكم أن تطالعوا هذا الموضوع في جريدة الشروق في 17 مايو 2011، قبل أن نقوم بتحليله 

أناجيك ياوطني


أناجيك ياوطني
الوضع مخيف. لكن ثورة المصريين بهذه الصورة، كانت معجزة، حدثا هائلا ومهولا.
وبما تبقى فينا من صوفية روحية، تغشانا رؤى انها حدث كوني، بيج بانج، فخلق ومولد للشموس والنجوم الرائعة.
ولكن، يا الهي، اين الكون المولود؟ اين الكون الجديد؟ اين كون الثورة؟
لاشيء منه بعد.
هناك فقط ثقوب سوداء قبيحة،
اسماعيل عتمان ويحيى الجمل، سمير رضوان ورجال الكهف، محمد صبحي وحجاب يرتدي قبعة، حدثتنا عنها مدام نجم.
هناك فحسب، الكواكب القبيحة المحطمة لكون ميت.
تتظاهر، وهي الكائنات المنقرضة، بأنها الكون الحي، وتسبح زورا باسم الكون الجديد الذي لم يأت بعد.
شهدنا تمام الجمال في شهدائنا الملائكة، ولا نشهد بعد، الكون المصري الجميل، الذي بشروا به، وغنوا له، وأهدوه الى عيوننا.
فهل حدث في تاريخ الكون بيج بانج، كان معجزة وهائلا ومهولا، وعقيما كذلك؟ لايلد كونا جديدا مفعما بالنور والبهجة ، مفعما بالوعود والأمل، وببعث جديد للشعوب؟
انهضي يابلادي. أرجوك أن تنهضي من تابوتك. وتتسربلي بدفء شمسك، وتضمينا شعبا جميعا في حضن عدلك وطهرك ونظافتك، فقد قتلنا الشوق اليه، واليك. فلا ترحمين منهم أحدا