أغسطس 21، 2011

مصر تقاوم العدو


تعليق على مقال الكاتبة نوارة نجم حول اغتيال الجنود المصريين على الحدود



بورك هذا الصوت، العابر للزمن، لأنه صوت الوطنية المصرية

نفس الصوت الآتي من جداريات طيبه، وأعالي البلاد، ومصر الحزينة، مجروحة الرجولة، تفيق لنفسها، تنهض لاسترداد كرامتها وأرضها وعرضها، وتطرد الهكسوس، وتحمي الحضارة 

الرجولة الجريحة هي انكسار وعار وشين يلحق الرجال والنساء. فتغدو النفس مريضة والعقل غارب والروح ثقيلة، والحياة عبء 

أفاقت مصر لنفسها، وبرأت من خصيها حين كانت تقاوم. حين تصبح وطنية

بالنسبة للمصريين، فالوطنية المصرية هي جوهر الأخلاق والقيم والسجايا واتزان العقل والوجود. تكون حياة مصر فرحا وهي تقاوم وتبني الحضارة

هذا المركب المصري الفريد من الوطنية البناءة للحضارة والفرح نلمحه في أوجه مع مصر التي تقاوم وتتوهج فيها الوطنية

هكذا اندفعت مصر الوطنية للمقاومة وبناء الحضارة والفرح وهي تقاوم الرومان ثم وهي تقاوم التتار والاوروبيين الصليبيين والعثمانيين الاتراك وفرنسا البونابرتية وبريطانيا الاستعمارية والصهاينة الغزاة الاستيطانيين البرابرة

لقد قاد الديكتاتور الوطني الفذ جمال عبد الناصر مصر للمقاومة ضد الانجليز وضد الصهاينة وضد الاستعمار الغربي. وفي زمنه القصير، عادت مصر المقاومة، الوطنية، الى مسار الحضارة الانسانية، على الرغم من طاعون الاستبداد السياسي والفكري والبوليسي الذي حكم ذلك العهد

أما أنور السادات فقد عمل على انهاء عصر مصر المقاومة وعلى تسميم الوطنية المصرية وقتل روحها، والنتيجة كانت ذلك الضياع والانحطاط الذي آلت اليه مصر. صارت مصر مريضة، مجروحة الرجولة، تفعل مايريده اعدى أعدائها، مختلطة العقل، وخارج مسار الحضارة، ويعيش شعبها أسود أزمانه

سمح ذلك لرجل رقيع جاهل مثل مبارك أن يدوس عليها بحذائه ثلاثين سنة. رجل لم يتورع ان يحشو جيوبه من خزينة الدولة المصرية، ولايتورع عن الانتقال الى مواقع التحالف مع أعداء بلاده

وحين أفاقت مصر أخيرا لنفسها في يناير ٢٠١١، فقد أخذ عقلها يتبين المسائل الأربع الكبرى التي يجب عليها أن تتعامل معها على الفور
تحطيم الدولة البوليسية وبناء جمهورية ديمقراطية حديثة؛  
تفكيك النظام الاجتماعي اللصوصي وبناء نظام اجتماعي أكثر عدالة؛  
العودة الى مسار الحضارة الانسانية وبناء نهضة مصر الحديثة؛  
       خطر العدو الصهيوني الاستيطاني، وخطورة الاتفاقات التي ابرمها معه
السادات ومبارك

    ثم جدت ثلاث مسائل أخرى أصغر على جدول أعمال العقل المصري الذي يفيق ويمكن أن نسميها

العبث واللغو الصادر من المجلس العسكري الذي نصب نفسه حاكما للبلاد؛  
اقحام الدين في أمور هي خارج الاطار الروحي للدين بطبيعتها؛  
وجود حالة اهتزاز في الأمن العام تتمثل في حالات انفلات للعنف وهجمات صغار اللصوص
 
وفي الواقع، فان مبدأ الوطنية المصرية، والمنطق الوطني للانسان المصري، هي وحدها التي يمكنها أن تحقق أكثر الاجابات صوابا على كل المسائل المطروحة

هكذا تحدثت نوارة نجم في مقالها الداعي الى تناول محدد لمسألة العدو الصهيوني في هذه اللحظة

انها تحيي روح المقاومة، وتطالب باجراءات بسيطة، جوهرية وممكنة

وقد لاحظت من رد أحد المعلقين المحترمين، انه يتصور أن على مصر أن تنتظر وتصبر على هذا الملف الصهيوني مزيدا من الزمن، وحتى تبني عناصر قوتها التي دمرتها عهود السادات ومبارك

وفي الواقع فان اجراء طرد السفير الصهيوني واغلاق سفارتهم، وانهاء مهمة سفير مبارك في تل ابيب واغلاق السفارة هناك كذلك، هي اجراءات ممكنة في اطار مستوى القوى المصري الراهن، وهي ليست اجراءات حماسية وشكلية، ولكنها اجراءات عاقلة ومدروسة وضرورية وممكنة، وبوسعها أن تضع اسسا جديدة لممارسة الصراع التاريخي مع العدو الأول لمصر

ان وجود سفارة للصهاينة في القاهرة كان منحة ضخمة لسفاكي الدماء هؤلاء، وكان اجراء يتسم بالتفريط في المصالح الوطنية، وبالسفه السياسي بلا حدود، وأعطى للعدو امتيازا بالغ الضخامة، ودون مقابل، من المفاوض المصري السفيه وقتها. السادات المخبول كان يروج لبلاهة غريبة ترى أن الصراع التاريخي الذي فرضه انشاء الدولة الصهيونية السفاحة، هو صراع نفسي، وأن عليه أن يسقط الحاجز النفسي، أمام سلام مستحيل. وأفرط هذا السياسي المخبول في المنح والهدايا والعطايا للعدو

وانني أدعو كل شبابنا الى اعادة قراءة التاريخ وقراءة وقائع ماجرى مع الصهاينة منذ حرب ١٩٧٣، ان اللحظة مواتية أمام الوطنية المصرية لتعيد الى الصراع حقائقه، ولتزيح عن الضمير المصري عبئا ثقيلا فرضته سفاهة المفاوض المصري وتخاذله

هذه مجرد خطوات محدودة وأولية تقوم بها الجمهورية الوطنية المصرية التي تولد في مصر اليوم

وانني أشارك نوارة نجم في تقديرها أن الصهاينة هم بعيدون عن الرغبة في شن حرب شاملة جديدة مع مصر. وربما أتصور بالاضافة الى هذا، أن هذا الصراع سوف يشهد نهايته ذات يوم، بانتصار مصر، وانتصار الحق الفلسطيني والعربي، دون أن يمر بمراحل من حروب شاملة مع مصر مرة أخرى
عاشت الوطنية المصرية
الوطنية هي الحل

20 August 2011 23:18