فبراير 23، 2011

هل هو انقلاب عسكري مزدوج؟

مانشهده، و بدون تجميل القبيح، يوحي بانقلاب عسكري مزدوج:
1ـ انقلاب على مبارك الذي أصبح استمرار وجوده والتمسك به يمثل خطرا أكيدا يؤدي لمزيد من تطور وعي الثورة بنفسها وبأهدافها و باتساع مساحتها لتشمل كامل خريطة الوطن وبتحولها الى العنف والصدام ضد العصابات التي تهاجم الثورة بل وضد أي قوة تمنع اسقاط مبارك. هنا أصبح الانقلاب على مبارك هو الحل الذى اختاره الضباط بعد أن "فهموا" مالايفهمه مبارك. لقد انقلب الضباط على قائدهم الأعلى فقط في اللحظة التي زحف فيها الثوار الأبطال الى قصر مبارك.
2ـ انقلاب على الثورة. فالمجلس الأعلى للجيش أخذ يشيد بالثورة ويعلن تأييد مطالب الثورة ويصفها بالمطالب المشروعة، فقط في البيانات والتصريحات، بينما يقتل الثورة بالفعل! أن تؤيد الثورة ومطالبها يعني أن تتحول كجيش الى جندي في صفوف الثورة، لا الى قوة استبداد جديدة تنصب نفسها فوق الثورة والوطن.
يوم 25 يناير كانت مصر المريضة الذليلة المنكسرة تئن تحت أحذية كل من: 1ـ مبارك ووريثه 2ـ جهاز مباحث أمن الدولة3ـ جهاز مبارك للتضليل في الاعلام والصحافة والنشر والثقافة والفن والدين 4ـ حكومة مبارك ـ نظيف (وبقية جهازها في جهاز الدولة والمحافظين ومديري الأمن العام والمباحث العامة وجيش الأمن المركزي) 5ـ حزب مبارك بما فيه من أصحاب المال والأعمال والأرض وثرواتها 6ـ دستورنجس وبرلمان نجس لخدمة مبارك ووريثه ونظامه 7ـ مجموعة من أفسد القوانين على سطح الأرض 8ـ نظام قضائي مريض لم يتورع مبارك ومن سبقوه عن ضربه بالأحذية 9ـ  نقابات وأحزاب انتهازية وتابعة للبوليس السياسي ولحزب مبارك 10ـ انهيار شامل لمصر على صعيد الاقتصاد والسياسة والعلم والتعليم والبيئة والأخلاق وطريقة الحياة والكرامة الانسانية والحريات والكرامة الوطنية والاستقلال الوطني والقدرة على الدفاع عن مصالح مصر وعن كرامتها وعن ترابها الوطني وعن ثرواتها...الخ. هذا هو النظام الأسود الذي أراد الشعب أن يسقطه بالكامل، هذه ارادة الشعب منذ يوم الثورة الأول: الشعب يريد اسقاط النظام! فأين الجيش حقا وفعلا من ارادة الشعب المصري؟     

فبراير 21، 2011

كيف نحقق أهداف الثورة المباشرة يوما بيوم؟


الأستاذة أهداف سويف تعرض لنا أفكارها السديدة عن جملة من المسائل الحاسمة في اللحظة الراهنة من تطور الثورة الشعبية في مصر: اقالة حكومة شفيق ـ تنصيب حكومة تنتمي للثورة ـ اطلاق سراح المعتقلين السياسيين ـ وقف نشاط جهاز أمن الدولة والقاء القبض على قياداته وتقديمهم الى محاكمة علنية عادلة. وهذا تحديد بالغ الدقة لأهداف مرحلية مباشرة وضرورية لابقاء الثورة حية وزاحفة بحزم نحو تحقيق أهدافها الكبرى. ولكن كيف نحقق هذا على الفور، الآن، الآن؟ للملايين التي ثارت بعد عصور الذل والظلام الطويل في مصر أن تحقق ارادتها بنفسها، وبنفس الروح السلمية التي سادت حتى الآن انفجارها الكوني البديع لتخلق في الشرق كله شرقا آخر جديدا حرا وسيدا. الملايين ستزحف بنفسها الى مقر وزارة (مبارك ـ شفيق) لتبلغه هو والوزراء جميعا أن يرحلوا فورا الى بيوتهم وألا يعودوا مرة أخرى، وقبل أن يرحل شفيق من المكان عليه أن يقدم كشفا باسماء المعتقلين وأماكن اعتقالهم في مصر كلها! الملايين تزحف الى جميع مقرات أمن الدولة العلنية والسرية في كل مكان وتأمرالمجرمين أن يرحلوا الى بيوتهم فورا وألا يعودوا ابدا الى هذه االمقرات، ويعلن الغاء جهاز أمن الدولة في مصر، واغلاق المقرات في حراسة الشعب الى أن يتم تسليمها الى لجنة قضائية نزيهة للتحقيق في جرائم الجهاز منذ انشائه. ويذهب الملايين الى مقرات السجون التي أعطاها شفيق ساعة رحيله، ويحاصروها، ويأمروا مأموري السجون أن يطلقوا فورا سراح المعتقلين الذين أعطى شفيق أسماءهم وأماكن اعتقالهم من سلطة غير شرعية، سلطة (مبارك ـ شفيق)       

فبراير 20، 2011

استمرار الثورة ضرورة حياة

لابد لثورتنا أن تظل محافظة على روحها الثورية. لابد للشعب أن يكمل الطريق بحزم وأن يحقق ارادته في اسقاط كامل النظام. هذه مهمة الشعب التي أخذها بيده يوم 25 يناير، ولن يسلمها أبدا لغير الشعب. لقد فعلناها، وسوف نمضي لنحقق المعجزات كل يوم. سوف نهزم النظام تماما، ونزيل أنقاضه الى مزبلة التاريخ، ونمضي جميعا لنبني مصر رائعة جديدة. نقدم كل التضحيات ونحتمل كل الآلام في ظل الكرامة والبطولة 

الشعب يريد اسقاط النظام


الشعار الأول للثورة مازال كما هو لم يتغير: الشعب يريد اسقاط النظام!
الثورة يجب أن تتقدم الى الأمام وأن تسقط في كل يوم، بل في كل ساعة، جزءا من جسم النظام العفن.
حكومة مبارك المسماة حكومة شفيق يجب أن تسقط بكاملها على الفور. يذهب مليون ثائر الى مقر مجلس الوزراء أثناء اجتماعه، يحاصرونه، يخرجون من المبنى رئبس الوزراء والوزراء بطريقة سلمية لطيفة، وفي الشارع أمام المبنى يبلغونهم بأدب جم: من فضلكم اذهبوا الى بيوتكم، ولا تعودوا هنا مرة أخرى، لقد حدثت في مصر ثورة، والثورة والبلد ليستا في حاجة الى خدمات حكومة مبارك، البلد في حاجة الى حكومة من نوع آخر. ومن كان منكم ذا خطايا، فليذهب أولا الى مكتب عبد المجيد محمود. سقطت الحكومة! سقط هذا الجزء من النظام!
أمن دولة مبارك، يجب أن يمحى من الوجود فورا. مليون ثائر آخر، يذهبون الى مقرات امن الدولة. يحاصرونها. يأمرون المجرمين جميعا بالخروج منها، ونبلغهم أنهم مفصولون من خدمتهم الحقيرة، ونأمرهم بالذهاب الى بيوتهم، وألا يعودوا الى هذا المكان أبدا. فقد تم اغلاق هذه المباني، والغاء هذه المهنة البشعة الى الأبد.   
 عمر سليمان. مليون ثائر يذهبون الى مقر المخابرات العامة. يحاصرونه. يطلبون من عمر سليمان أن يخرج من المبنى، ونبلغه أنه فصل من منصب مدير المخابرات، وأن عليه الذهاب الى بيته. نثبت رسالة على باب المبنى تقول: الى من يهمه الأمر! الشعب يريد مديرا وطنيا ذا كفاءة حقيقية لجهاز المخابرات. الشعب أخلى هذه الوظيفة ويريد أن يعرف على الفور اسم المدير الجديد الذي سيتعاون مع لجنة التحقيق في أوضاع هذا الجهاز منذ سقط صلاح نصر. نريد بداية جديدة نظيفة لكل شىء على أرض الوطن!
ماسبيرو. مليون مصري ثائر يذهبون الى المبنى. يحاصرونه. يطلبون من كل أفراد الذراع الاعلامي لمباحث أمن ادولة، كل بلطجية وحثالة الاعلام في الاذاعة والتليفزيون أن يخرجوا من المبنى خروجا آمنا، ونبلغهم أنهم قد فصلوا بارادة الشعب، وعليهم الرحيل وألا يعودوا هنا أبدا. المهمة لم تنته بعد: لابد أن نظل هناك لبضع ساعات لنحرس أهل المبنى الحقيقيين وهم يقومون بانتخاب ادارة جديدة. نريد اعلاما حرا وطنيا عالي الكفاءة يليق بقدر مصر وقدر ثورنها.
دور الصحافة ودور النشر ووكالة الأنباء ومصلحة الاستعلامات المملوكة للدولة. حصار شعبي. نطرد عملاء أمن الدولة من العقارب والجرذان وفلول الانتهازية و بلطجية الأقلام. نحرس اجراء انتخابات مباشرة لادارات جديدة يقوم بها أهل البيت من الوطنيين الأحرار.
دستور مبارك الذي استدعى فيه هو ووريثه خدمات أحط قوادي القوانين والدساتير ليكون على تلك الحالة المأساوية، هو دستور لا يصلح للحياة على الاطلاق. عبث ومضيعة للوقت أن يتم تعديل بعض المواد. مصر تريد دستورا يمنع ظهور فرعون آخر الى آخر الزمان. هذا الدستور الذي تريده مصر يقوم على أساس آخر هو الجمهورية البرلمانية وأما رئيس الدولة فيصبح منصبا شرفيا بروتوكوليا. خطة مبارك التي كان يناور بها والتي شملت تعديل هذه المواد هي خطة فاسدة، وما كان للجيش المصري أن يعتمدها. المناقشات الجادة الخصبة التي تجري في مصر الثورية الجميلة اليوم تبلور أفكارا قيمة كل ساعة. لايجب أبدا أن نتجادل في سفاسف الأمور، ولا أن نلتزم بمناورات مبارك الغبية والوقحة التي كان يساوم فيها على بقائه وانقاذ مشروع الوريث المشئوم، ومقايضة ثلاثين سنة بستة أشهر. عمر سليمان كان يقول أن الوقت لايسمح بأكثر من هذا، ولابد أن نفبرك كل شيء في مدة الأشهر الستة الباقية من آخر الرئاسات المزورة لزعيمه. ها قد  ذهب زعيمه الى المنفى ورحل. اذن فلنؤد المهمة التاريخية من أجل مصر على أكمل وجه. ولنمنح هذه المهمة الزمن اللازم
لتتم على الوجه الاكمل. الجيش لايريد السلطة، ويريد أن ينتهي من الوضع الذي دفعته الأقدار اليه. الجيش يريد أن يذهب الى مهامه الطبيعية بعد ستة أشهر. الجيش في الواقع يمكنه أن يعود الى أوضاعه الطبيعية الآن. خلال بضعة أيام فحسب. وتدور في مصر أروع عمليات التحول الى وطن حر وديمقراطي تحت ادارة مدنية مؤقتة وفي حراسة جيشنا الوطني. اذا تصورنا وتصور الجيش المصري معنا هذا المسار الممكن للتحول وللمرحلة الانتقالية:
1ـ يقرر الجيش تسليم السلطة الى مجلس رئاسة مدني يكون قائد الجيش أحد أعضائه، ويتولى هذا المجلس ادارة المرحلة الانتقالية.
2ـ يقوم مجلس الرئاسة بتعيين حكومة من الفنيين لتصريف أمور البلاد خلال المرحلة الانتقالية. هذه الحكومة هي التي ستتعامل مع كل الاوضاع الراهنة بما فيها المطالب المشروعة لملايين الناس من ضحايا نظام مبارك. هذه ليست مهمة الجيش. الناس يضربون وهذا حقهم المشروع في كل الدنيا. انهم يضربون لأن لهم مطالب ملحة طالبوا بها طول عمرهم، وذهبوا واعتصموا أمام مجلس فتحي سرور لمدة شهور، وخلعوا ملابسهم في الشارع، وقرعوا على الأواني، وربطوا أنفسهم وأبناءهم بالسلاسل في الأسوار والأشجار، وحرقوا أنفسهم، وألقوا بأنفسهم في البحر، وصرخوا وسمعتهم السماء، فقامت الثورة، ووقتها لم يسمعهم مبارك ولا نظيف ولا شفيق ولا عمر سليمان ولا الوريث المشئوم. هل نسى الجيش ذلك؟ الرحمة بشعبنا الذى أذله نظام مبارك وأفقره وأجاعه وجعل منه أكثر المعذبين في الأرض. الرحمة أيها السادة، ولنخاطب الشعب باحترام وصدق، و لنفهم أوجاعه و آلامه. الشعب ليس عبيدا. الشعب سيد. اتركوا لنا أمر شعبنا وحياته، فالتركة مرعبة والمهمة شديدة الوطأة وتحتاج تناولا انسانيا حكيما عاقلا عادلا عالما فعالا ووطنيا.    
مجلس رئاسة وحكومة مؤقتة: يتم ذلك على أساس اعلان دستوري وعدد من القوانين والقرارات الضرورية التي يصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل أن يسلم مهمته ويسحب المدرعات من المدن.
أهم القرارات والقوانين هي انهاء حالة الطوارىء، اطلاق حرية تكوين الأحزاب، وحرية اصدار الصحف، وأن يكون لمجلس الرئاسة والحكومة المؤقتة مهمة ازالة النظام القديم، وادارة شئون البلاد، وترتيب وضع الدستور الجديد واستفتاء الشعب عليه وتنظيم اجراء أول انتخابات حرة ، وتسليم السلطة لأول حكومة شرعية منتخبة.
.ان فعل الجيش ذلك فسوف يكتب لنفسه شرفا ومجدا في العالمين اذ يفتح الطريق امام مصر الحديثة الحرة لتتحدث عن نفسها من جديد.

فبراير 16، 2011

أحاديث عمر سليمان والثورة

كتب هذا المقال مابين 30 يناير و 11 فبراير2011

أحاديث عمر سليمان والثورة
جلس عمر سليمان في كرسي ذهبي هائل ليقول كلاما غير ذهبي بالمرة لمذيعة التليفزيون الأمريكي كريستيان امانبور. بدا الرجل كئيبا ومكتئبا ويتظاهر بالقوة والثقة بالنفس دون طائل. أما المذيعة فقد بدت عليها الدهشة والانفعال امام محدثها الذي كان واضحا أنه ينتمي الى زمن آخر غير زمنها و زمننا، ومكان آخر غير مصر التى تثور وينتفض قلبها وعقلها وكرامتها. حين نتأمل الوجوه واللغة و أدوات التعبير ولغة الجسد ومستوى التعليم والثقافة والمعرفة والبنية النفسية والحالة العقلية لأشخاص مثل الرئيس ورجاله في العقود الأربعة الأخيرة، ندرك سبب وحجم الكارثة التي دفع هؤلاء الناس مصر اليها، لقد جروا الوطن الى القرون الوسطى.                                                                                  
سألته الأمريكية عما اذا كانت "حوارات سليمان" تشمل البرادعي؟
أجابها: كلا. البرادعي ليس من المعارضة. لديه مجموعة خاصة به، مرتبطة بالاخوان المسلمين. وقد طلب مني الاخوان الحوار معهم وحدهم بدون البرادعي.
سألته : ماهي المخاوف لديكم من ذهاب مبارك الآن؟ لقد قال لي مبارك أنه فاض به الكيل بعد خدمة طويلة ويريد أن يذهب.
  أجابها: لانريد فوضى في بلدنا. ومن الذي يتولى السلطة بعده؟ الدستور يقول رئيس البرلمان. في هذه الظزوف فان أصحاب الأجندات سوف يحدثون اضطرابات.
سألته: حين ترى ماجرى في الشوارع في مصر وتونس واليمن ولأردن وسوريا كيف تراهم، هؤلاء شباب يريدون عالما آخر مختلفا؟ قاطعها سليمان: التيار الاسلامي هو الذي دفع هؤلاء الناس.
ذهلت المذيعة وبادرته: هل أنت جاد في هذا؟ فحاول أن يشحن صوته بأداء مسرحي واضح الافتعال وهو يرد: نعم
انفعلت المذيعة بشدة في مقعدها الذهبي وامتلأت عيناها بالذهول والشك  وسألت فيما يشبه الصراخ: ألا تظن أنهم انما هبوا من أجل حقوقهم وحريتهم؟ أجابها الصوت الكئيب القادم من وراء البندقية الغبية وادارة أقبية التعذيب الدولية : لا أظن أن هذا من الشباب فقط. آخرون يدفعونهم لهذا.
عادت تجادل وهي تبدو كمدرسة فاض بها الكيل وهي تشرح الدرس لتلميذ بليد: في بقاع عدبدة من العالم العربي لاتوجد ديمقراطية. هل تعرف أن شباب هذه الأيام يلتقون على الانترنت ويرون الكثير من الأشياء؟ ألا ترى أن ثورتهم نابعة من صميم قلوبهم؟ جاءها الرد الغريب با نجليزية تشبه انجليزية راكبي الجمال في نزلة السمان: لقد سهلت لهم الحديث معا، لكن هذه ليست فكرتهم، انها قادمة من الخارج.
مع مثل هذا الرجل وامثال هذه التصريحات وجدت المذيعة نفسها مضطرة الى أن تسأل علنا هذا السؤال الذي عرف الجميع اجابته الفعلية القاطعة خلال هذا اللقاء: هل تؤمن بالديمقراطية؟ أجاب عمر سليمان المسمى نائبا للرئيس، والكون يهتز من حوله بهتافات الشعب المصري البطل من أجل الحرية التي أصبحت بين يوم وليلة الهدف الواعي الأساسي لملايين المصريين. أجاب الوقح: طبعا، كل واحد يؤمن بالديمقراطية. ولكن متى ستفعلين هذا؟ فيما بعد، حين يحصل الشعب هنا على ثقافة الديمقراطية.
سألت: نحن نعرف ماتريده المعارضة، فماذا تريد أنت من المعارضة؟ أجاب: أريد أن يفهموا أنه في هذا الوقت المحدود نستطيع أن نفعل ما قاله الرئيس مبارك ولا نستطيع أن نفعل أي شيء أكثر.
وماذا تقول للشباب في ميدان التحرير؟
كلمة واحدة. اذهبوا الى بيوتكم. لايمكننا أن نفعل أكثر من هذا. ونحن لانستطيع أن نزيحهم بالقوة.
   هكذا رأينا الساعد الأيمن لمبارك. الرجل الذي اختاره نائبا له.
 تسأله المذيعة عن الدكتور محمد البرادعي، أصلب دعاة الحرية في مصر من الشخصيات العامة وأكثرها تصميما منذ بدأ مشواره قبل أقل من عام واحد، واتحد بالشباب وشارك بنشاط وصدق و رقيّ في التواصل عبر الانترنت، وبدأ حملة جمع التوكيلات، ورفع بحزم وثقة شعارات التظاهر السلمي بالملايين وشعار العصيان المدني، كل ذلك مما كان يبدو خيالا في خيال، وصمد في وجه كل أشكال بلطجة النظام المنهار الساقط، ورفض كل أشكال الوصاية على الشعب باضافة تنظيم فوقي جديد يكون منبرا للزعامات المتخبطة وفاقدة الاتجاه، واتخذ جملة من المواقف السياسية الحاسمة مثل مقاطعة الانتخابات المزورة الأخيرة والتي كانت تؤرخ فعلا للثورة، والذي قام بأكبر الأدوار على المستوى الدولي في فضح نظام الديكتاتورية والفساد وبلطجة الحثالة في مصر، هذا الرجل الذي أعتقد أنه الوحيد في مصر أ و من بين قلة نادرة ممن استطاعوا أن يروا الوجه النبيل الخرافي الجميل لهذه الثورة قبل أن تولد. يرد عمر سليمان على سؤال ما اذا كان سيدعو البرادعي للحوار معه بأن البرادعي ليس من المعارضة ! وأنه مرتبط بالاخوان المسلمين  ! وأن الاخوان طلبوا لقاءه بدون البرادعي.  الديكتاتور الساقط اذن يعرف ألد أعدائه، ويستبعده. أما الشعب والشباب فيعرفون جيدا كم قدم هذا الرجل من دعم للثورة ولبلاده. يكفي أن نرى الآن تلك الآراء والتحليلات السديدة التي يرى بها الدكتور البرادعي تلك المنازلة الأسطورية  التي تجري اليوم بين الشعب ومعسكر أعداء الشعب. 
أما سؤالها: لماذا لايذهب مبارك الآن؟  فاجابته تأتينا أكثر عجبا. اذا ذهب فسوف يأتي فتحي سرور وحينئذ سوف يثير أصحاب الأجندات الاضطرابات. المخدرات ليست فقط من هوايات الشعب المقهور، يبدو أنها كذلك من متع الحكام. الرجل يتحدث عن اضطرابات مابعد مبارك، ولا يرى هذه الثورة الجبارة التي تزداد عمقا و اتساعا منذ 25 يناير. مبارك في قصره في القاهرة والثورة ـ لا الاضطرابات ـ تدق أبوب القصر في زئير مجيد واحد: ارحل ! سليمان لايرى ولا يسمع. ومن قال أن فتحي سرور قد يعود مرة أخرى الى كرسي رئيس البرلمان، سيد قراره ! صلاح عبد الصبوركان يعرفكم بالاسم، وعنكم في مسرحيته ليلى والمجنون يقول "والله لاأدري كيف نبت في وادينا الطيب كل هذا القدر من السفلة والأوغاد". ثم من هم أصحاب الأجندات؟ هل هم الاخوان؟ الدخان الأزرق مرة أخرى. المذيعة الأمريكية وباراك حسين أوباما والعالم أجمع لايصدقك، لا أنت ولا سيدك. الاخوان هي خرافتكم وحدكم، الاخوان ذابو هناك، ربما تصهرهم تلك النار المقدسة لغضب الشعب الذي ينتمون اليه. لن تكون مصر اخوانية، العكس صحيح، الاخوان يكتشفون مصريتهم، الشباب منهم على وجه الخصوص. أما الأجندات يا عمر وسيده، فليست في مصر اليوم غير أجندة واحدة. انها تؤلمكم كثيرا، انها تخنقكم، انها تقضي عليكم. الاجندة الواحدة التي تنسج الكل في واحد هي مبادىء الثورة الأربعة و تطبيقاتها: 1ـ مبدأ الحرية 2ـ مبدأ الوطنية 3ـ مبدأ العدالة الاجتماعية 4ـ مبدأ التقدم والتطور والنهوض المستمر للوطن و للشعب.
ثم ان هذا الرجل ينفي فكرة المذيعة ـ وهي فكرة كل انسان على سطح هذا الكوكب الآن، من الساسة الى ماسحي الأحذية، ومن الهند الى كندا ـ "أن هؤلاء الشباب يريدون عالما آخر مختلفا". عمر ـ مدير المخابرات ـ وحده، ينفرد بالمعلومات التي تقول لعقله الخاص جدا من دون عقول خلق الله أن التيار الاسلامي هو الذي دفع هؤلاء الناس ! انه يشبه تماما سيده وعصابته: فشل عقلي. المصريون عرفوا على أيديهم الفشل الكلوي والفشل الكبدي والفشل القلبي اضافة الى الفشل التعليمي والعلمي والاقتصادي وكل أشكال الفشل والانهيار التي عرفتها البشرية، والآن يتأكد المصريون من حقيقة الفشل العقلي لحكامهم. مبارك وطغمته أناس متخلفون عقليا، خطر حقيقي على الأمة أن يكون حكامها المطلقون من المتخلفين عقليا. وللحقيقة فانهم لايحتكرون تلك الآفة التي لاعلاج لها. حولنا حديقة كاملة من الحيوانات المتخلفة المتوحشة: بن علي المخلوع، القذافي وولده وعصابته، خادم الحرمين وقبيلته، علي بن عبد الله صالح وطغمته، بشار بن حافظ، سعد بن رفيق الحريري، نوري بن المالكي، حسن بن البشير، ملوك وأمراء المغرب والأردن والخليج وعمان، محمود بن عباس وعصابته، بوتفليقة وعصابته، كثرة من أمراء غزة، ناهينا عن قوة الدمار الوحشي المعادية للانسانية في تل أبيب. ثورة المصريين "تريد عالما آخر مختلفا" كما فكرت المذيعة. سوف تطعم ثورة المصريين من خيرها كل فم. سوف نضرب الأمثال للناس ببناء وطن حر عادل يصون أرضه وخيراته، يصون كرامته ومصالحه الوطنية، يساهم مع الانسانية من جديد في بناء التقدم والحضارة. سوف نطوي صفحة هؤلاء الفاشلين عقليا والمنحطين أخلاقيا، هؤلاء الذين يكذبون ويسرقون وينهبون ويعذبون ويقتلون. سليمان مدير فاشل للمخابرات، فمخابراته أخبرته أن ثورة المصريين يدفعها تيار اسلامي. مع انتصار الثورة فلابد أن يجري تحقيق صارم لعمل جهاز المخابرات، ليس فحسب على مدى 17 عاما من ادارة سليمان الفاشلة للجهاز، و انما على مدى الزمن منذ ماقبل رحيل جمال عبد الناصر.
 معلومات مدير المخابرات خرقاء، فهو يقول أن الشباب يدفعهم تيار اسلامي، وأن الثورة ليست فكرتهم، وأن الثورة قادمة من الخارج. هنا لايبدو الأمر مجرد فشل عقلي أوفشل مهني فحسب لجهاز عمر وانما هو كذلك اضطراب نفسي، عالم من الوهم والكذب، الكذاب يزيف الواقع، ويفبرك المعلومات والتفسيرات، وفي هذه الحالة لايكون ذلك مرضا نفسيا فحسب، و انما أحقر أنواع الانحطاط السياسي والأخلاقي.
لم يجب مدير المخابرات اجابة مباشرة على السؤال المندهش للمذيعة عما اذا كان هو نفسه يؤمن بالديمقراطية. لقد تحدث بالنيابة عن الجميع، وقال ان كل واحد يؤمن بالديمقراطية، لكنه أردف أن الديمقراطية تستلزم أن يكون لدى الشعب المصري ثقافة الديمقراطية. من المدهش أن تتحدث الثيران عن الثقافة. أي ثقافة.  ومن الغريب أن تجرؤ الثيران البرية على تقييم الشعوب وثقافة الشعوب وتراثها. مدير المخابرات الذي ابتلانا به وبسيده زمن أسود ينقضي، يرى أنك أنت وأنا وملايين المصريين المطالبين في شوارع مصر على امتداد خريطتها، في هذه اللحظة بالتحديد، بالحرية والدستور وسيادة القانون والقاضي الطبيعي واحترام حقوق الانسان وحرية تنظيم الأحزاب والجمعيات وكل أشكال التنظيم وحرية الصحافة والاجتماع والتظاهر والاضراب وحق الانتخاب الحر العام السري المباشر لجميع المواطنين ومسئولية السياسيين ومحاسبتهم...الخ، يرى أن كل ذلك لاينهض دليلا على ثقافة ديمقراطية رفيعة ووعيا شعبيا نفخر به بين الأمم. جريمة أحمد نظيف منذ عدة سنوات حين أصابه الخبال وصرح ان الشعب المصري ليس مؤهلا للديمقراطية، هي جريمة تتضاءل الى جانب جريمة مدير المخابرات اليوم. فناهينا عن جهل كليهما بتاريخ الحياة الديمقراطية والنيابية للشعب المصري منذ القرن التاسع عشر، وجهلهما في الواقع بأي تاريخ وافتقارهما لأي تكوين ثقافي ينتمي الى الثقافة الانسانية حقا، فان أحمد نظيف عاش في زمن لم تكن فيه غير حركة كفاية الباسلة، والذى كانت حكومته تستخدم وحشية حبيب العادلي لتسفح دمها على أسفلت شوارع القاهرة كل يوم، وكان هذا الكائن العجيب، أحمدنظيف، يظن أن كفاية ومن بعدها حركة 6 ابريل هي كل مافي مصر من المناضلين من أجل الحرية، وكان واهما، فكيف بهذه النطاعة المذهلة لمدير المخابرات وهو يرى أن أنوار مطالب الحرية التي أضاءها الشعب بالملايين قي أيام مجيدة في تاريخ الانسانية كلها ليست دليلا على الوعي الديمقراطي للشعب المصري. 
هذا الرجل أعمى العين والقلب. يتمتع بجهل فريد يحسده عليه سيده. هذا الرجل كاذب وفاشي وعدو للشعب. هذا الرجل لم يكن يوما مؤهلا لأي دور في صالح الوطن.
عمر سليمان عليه أن يذهب في الحال ليقيم مع سيده حيث هو. ارحلوا ! فمصر بريئة منكم.
مصر ترفض دولة المخابرات.و مصر ترفض أي حكم عسكري.
 باسم الوطن والوطنية والحرية، نطالب المجلس الأعلى لقوات مصر الوطنية المسلحة:
1ـ أن يتم تشكيل مجلس رئاسي مؤقت من كل من: الدكتور محمد البرادعي ـ الدكتور أحمد زويل ـ الدكتور رشدي سعيد ـ المستشارة تهاني الجبالي ـ الأستاذ محمد حسنين هيكل ـ الدكتور فاروق الباز ـ العميد صفوت الزيات ـ المشير محمد حسين طنطاوي ـ الفريق سامي عنان
2ـ يكلف المجلس الرئاسي الدكتور كمال الجنزوري على الفور بتشكيل حكومة ادارية مؤقتة من التكنوقراط
3ـ تقوم الحكومة المؤقتة تحت اشراف مجلس ا لرئاسة بتنظيم اجراء انتخابات للجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد لجمهورية برلمانية ذات مجلس واحد، يطرح للاستفتاء الشعبي خلال 90 يوما، وتحل الجمعية التأسيسية بعد اقرار الشعب للدستور 
4ـ يتم تنظيم أول انتخابات حرة لمجلس الشعب الجديد والرئيس الجديد لمصر خلال فترة 6 أشهر، ويتم تكليف رئيس لتشكيل الحكومة من حزب الأغلبية النيابية
5ـ الغاء حالة الطوارىء، واطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية وحرية الصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر والاضراب على الفور
6ـ حل جهاز الأمن المركزي، و وقف نشاط كافة الأقسام السياسية في جهاز مباحث أمن الدولة واخضاعه على الفور للجنة يقوم مجلس الرئاسة بتعيينها تقوم بالتحقيقات في جرائم هذا الجهاز، كبداية لتحقيقات شاملة في جرائم وزارة الداخلية و اتخاذ خطوات حاسمة في اعادة تنظيم هذه الوزارة وتطهيرها واصلاحها
ولابد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يبادل شعب مصر العظيم ثقة بثقة، فتمضي الأمور في حسم ويسر وصدق، ويتولى الشعب أموره في ظل دستوره، الذي نبغي أن يكون دستورا نباهي به الأمم، ومرجعا للدساتير، ويعود الجيش الى ثكناته وعمله المعتاد في خدمة الوطن، مصحوبا بامتنان الوطن والشعب

هذه مصر
فخرنا وعزنا ومجدنا
تعود للتاريخ
تقتحم التاريخ
تملأ الدنيا علما وأخلاقا
حضارة ونورا
كما ملأتها أول مرة
تحية وانحناء للأجداد العظام عبر آلاف السنين في وادينا الطيب
تحية وانحناء لمناضلي وشهداء الحرية والوطنية المصرية عبر العصور
تحية وانحناء للأحفاد البواسل
الذين يصنعون التاريخ كملائكة مستحيلة من نور
رفت بأجنحتها فوق كل ميادين تحرير مصر
ولم تجفل عيونها لحظة وهي تواجه حديد ونار القتلة
وتعمّد النيل بالدم
وتنفخ في مصر من روحها
الوطن لكم
المجد لكم
التاريخ لكم
تصنعون بأيديكم في مصر وطنا للسعادة المشتركة وللأمل الانساني
تحية وانحناء لشهداء العسكرية المصرية وأبطالها ووطنييها الشجعان
تحية لداعية الحرية الصادق الصلب
ابن مصر النبيل محمد البرادعي
تحية لحركة كفاية ولكل الحركات اتي مضت على طريقها المجيد حتى نالت مصر الحرية
تحية لكل شبابها ورجالها ونسائها
تحية وانحناء لآلاف الملايين في كل الدنيا
الذين كانت قلوبهم تخفق مع خفق قلب مصر
تحية وانحناء لشعب تونس العظيم وثورته وشهدائه
شكرا باراك أوباما
ففي هذه الأيام العصيبة
ولمرّة يتيمة،
وللحظة عابرة في الزمن،
ربما انتابنا شعور بأنه
كان للشعب المصري صديق في البيت الأبيض

عاشت مصر حرة عزيزة منتصرة متقدمة
عاش الشعب المصري البطل النبيل
المجد للشهداء