مارس 18، 2011

تسقط التعديلات ودستورها .. ويحيا دستور الحرية

تسقط التعديلات ودستورها .. ويحيا دستور الحرية

دستور 1971 هو وثيقة مذلة مهينة، صنعت في مواخير الاستبداد والديكتاتورية والدولة البوليسية. انه وثيقة تدل دلالة بالغة على عصور الظلام والاستخفاف بالشعب التي عاشتها مصر.
ان مواد هذا الدستور كومة من القمامة استخدمها الحكام بوحشية ليجلدوا الشعب، وليصلوا بمصر الى الحضيض الذي وصلت اليه، وليتبجحوا في وجه المصريين ووجه العالم مدعين أن لدى مصر دستورا، وهو عار الدساتير كلها على سطح الأرض، ووصمة على صفحة التاريخ الانساني.
لقد جرت صياغة دستور 1971 وتعديله عدة مرات بواسطة بعض من يشتغلون بالقانون من قوادين لاضمير لهم، استحلوا لأنفسهم ذهب السلطان وقربه، وصاغوا وقننوا فيه لسلاطين مصر – محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك وجمال محمد حسني مبارك - أكثر نزواتهم جنونا. كان من قدرنا أن عكر صفو وادينا الجميل كثرة من حكام المماليك والحاكم بامر الله وكافور الاخشيدي وولاة آل عثمان ممن كانوا حكاما طغاة ومجرمين بل وأحيانا مجانين وشواذ عقليا ونفسيا، لكنهم كانوا أقل جنونا وجشعا وشذوذا وانسياقا لنزواتهم من حكامنا الثلاثة الأخيرين: فشواذ حكامنا القدامى لم يدعوا أنهم يحكمون بدستور، وكانوا يتبعون سنن الطغيان التي سادت في العصور المظلمة والبدائية وفي العصور الوسطى. أما هؤلاء الثلاثة الأخيرين فقد طغوا علينا في القرن العشرين وعقدا من القرن الحادي والعشرين. 
وهذا الدستور تم اقرار مواده المشينة من قبل مجالس نيابية تشكلت عن طريق التزوير والضغط وشراء الذمم  واطلاق المجرمين المأجورين واستغلال فاسد للدين أو العصبية العائلية، وفي ظل منع حرية تكوين الأحزاب وحرية حركتها، وبنسب تصويت شعبي تعتبر من أدنى النسب في العالم.
وضمت هذه المجالس في عضويتها حشودا من الفاسدين واللصوص والخارجين على القانون وتجار المخدرات
ثم نظمت الدولة البوليسية مسرحيات استفتاء شعبي مزورة، حيث أعلن بعدها أن الشعب المصري قد أقر هذا الدستور وتعديلاته. والشعب المصري لم يقر أبدا هذا الدستور في أي يوم.
ثم استخدم هذا الدستور وتعديلاته في واحدة من أبشع عمليات انتهاك الشعوب وانتهاك حقوقها.

هذه الحقائق كلها يعرفها الشعب ويعرفها العالم كله ويعرفها المجلس العسكري.

أي أن هذا الدستور باطل من أساسه بطلانا تاما: فنصوصه باطلة، والطريقة التي وضع بها باطلة، والمجالس التي أقرته باطلة والحكام الذين طرحوا الدستور والتعديلات للاستفتاء شرعيتهم باطلة، والاستفتاءات على الدستور باطلة، والأغراض التي صاغ الحكام لها هذا الدستور باطلة. النتائج التي ترتبت على كل هذا البطلان هي اعتلاء السلطة حكام فاسدون جهلاء غير مؤهلين، استخدموا سلطاتهم المطلقة شر استخدام وكأن مصر عزبة أبيهم، لايتخلون عن سلطتهم الا موتا أوقتلا أو ثورة!

وأسال المجلس العسكري، كيف يدعو الشعب للاستفتاء على دستور باطل مذل مهين؟ الهذا ثار الشعب المصري البطل في 2011؟

فالتعديلات التي طلبها المجلس العسكري من لجنة المستشار البشري لايمكنها أن تزيل البطلان، بطلان دستور 1971.

وقرار المجلس العسكري بطلب التعديلات لدستور يرفضه الشعب، هو نفسه قرار باطل. ولا يمكن للشعب أن يقبل أي مبررات تقدم لتبرير هذا القرار.

فالشعب لايخشى من ديكتاتورية عسكرية، لأنه يثق بصدق ما أعلنه المجلس العسكري من تأييد للثورة، وعزم على أن يحمي ارادة الشعب الحرة في بناء شرعية دستورية جديدة. والكلام الكثير عن امكانية الدخول في نفق مظلم لديكتاتورية عسكرية هو كلام وتخوفات لاتقوم على أساس من فهم صائب لحقيقة الوضع السياسي في مصر بعد أن استيقظت ومضت  بقوة وعزم على طريق الثورة. فالمواطنون المصريون في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وفي القوات المسلحة بأسرها، يبدون ككل المواطنين، وقد أنار صدورهم أمل جديد مع مجيىء الثورة، وتصاعدت آمالهم في المساهمة في انقاذ وطنهم، وبناء مصر حرة متقدمة عزيزة.

القوات المسلحة تبدو الآن وكأنها رأت في الثورة خيارا وحيدا وفرصة قدرية لانقاذ الوطن.  انني أصدق تماما اخلاص كلمات اللواء محمد العصار في مستهل حديثه على قناة دريم. كان صوته وكلماته وصدقه رجعا لصدى الصوت الوطني الباسل للعسكرية المصرية منذ أيام أحمس وحتى أيام عبد المنعم رياض والكفاح على الجبهة واقتحام قناة السويس.

هذا الصوت الذي حاولت خنقه مقامرة القدس المشئومة لأنور السادات، والخنوع الجاهل لمبارك، ذلك الخنوع من رجل لم يعرف ابدا ولم يفهم أبدا قدر مصر، وقدر شعب مصر. هؤلاء المواطنون في المجلس العسكري وفي القوات المسلحة يبدو أنهم يعرفون ويفهمون قدر الوطن والشعب.

الثورات قوى جبارة، تحول التاريخ. والثورة المصرية قد مست الجيش المصري وهزته وغيرته ومنحته الأمل وعلمته أن الشعب لم يمت، وأن روح الحرية والنهوض في مصر لم تخمد. الثورة علمت الجيش أن الشعب يستطيع أن يجترح المعجزات، وأن يحقق مالا تستطيع الجيوش تحقيقه.

واني على يقين من أن الشعب وكل الوطنيين في القوات المسلحة سوف يقاومون أية مغامرات من مهرجين مقامرين من أمثال أنور السادات وجهلاء مظلمي العقل والضمير من أمثال حسني مبارك للوثوب على السلطة وتنصيب ديكتاتورية عسكرية سوداء تحت اي ظرف وباسم أي مبررات. الشعب المصري، بروح الحرية والثورة والوطنية المصرية، والوطنيون في القوات المسلحة، سوف يجهضون ويلحقون الهزيمة بأية مغامرات لمغامرين عسكريين يخونون الشعب والدستور والوطن. هذا عهد نقسم عليه معا على خريطة مصر.

والشعب الثائر الذي منح ثقته لجيش مصر ليتولى مؤقتا سلطة الدولة والتشريع، لم يمنح الجيش قيادة الثورة.

فالقيادة الشعبية للثورة قد تخلقت بالتدريج وبسرعة، وقد أظهرت روحا ثورية جبارة وقدرة على العمل وعلى الهام الملايين وحشدهم وأظهرت كذلك بوضوح تقديرا سياسيا وطنيا صائبا ودقيقا وعقلا سياسيا واعيا وناضجا.

والجيش يجب أن يقدر جيدا حدود دوره السياسي المشروط والمؤقت في المرحلة الانتقالية لاعادة بناء الدولة وبناء شرعية دستورية جديدة في مصر.

فالمهمات الثورية الأساسية للثورة المصرية تتلخص بوضوح في:
الاطاحة بالرئيس
والاطاحة بحكومة الرئيس
و الاطاحة بدستور الرئيس
والاطاحة بجهاز أمن الدولة
والاطاحة بمجلسي الرئيس النيابيين المزورين
وعزل قادة النظام والمحافظين وقادة الأمن العام الفاسدين وكبار الفاسدين والمفسدين والمتربحين في جهاز الدولة والقطاع العام والقطاع الخاص والقضاء وحزب مبارك والمجالس النيابية المزورة المنحلة، وتقديمهم للعدالة
وعزل العناصرالبوليسية والعناصر الانتهازية والمعادية للثورة في أجهزة الاعلام والصحافة، أما المتربحون والذين حرضوا ضد الثورة واختلقوا الأكاذيب وروجوها فلابد من تقديمهم للعدالة
و عزل العناصر المشابهة في النقابات والاتحادات والجمعيات والأزهر ودار الافتاء وقطاعات الفنون والثقافة والجامعات والأندية الرياضية واتحاداتها
وحل المجالس المحلية
واطلاق سراح المعتقلين السياسيين
وملاحقة العناصر الاجرامية التي قتلت الثوار واعتدت عليهم والعناصر التي رتبت للقتل والعدوان المادي والمعنوي
والغاء القوانين المعادية للحريات
وانهاء حالة الطوارىء، والغاء القانون الحالي للطوارىء الى حين اقرار قانون جديد يليق بمجتمع حر.

وتتجه المهام الثورية في نفس الوقت وبالتزامن نحو تنصيب حكومة يرضاها الشعب تكون مهمتها ادارة شئون البلاد ويكون عليها أن تنجز عمليا و بحزم كل المهام السابقة واللاحقة للثورة تحت رقابة الشعب المباشرة، وبدعم وضمان وحماية القوات المسلحة. وقد تم بالفعل تنصيب حكومة الدكتور عصام شرف من ميدان التحرير وبرضاء شعبي واسع محل حكومة اللورد شفيق التي اطاح بها الشعب. وبالاضافة الى مسئولية كل وزير في الوزارة عن عمله وعما يسنده اليه رئيس الوزراء فان رئيس الوزراء مسئول عن عمل وزرائه وعن عمل وزارته عموما وعليه أن ينحي الوزراء الذين تثبت الممارسة عجزهم عن الأداء ونقص كفاءتهم أو تخاذل مواقفهم أو تعاونهم مع عناصر النظام المنهار، وسيكون في اجراءاته تلك مدعوما من الشعب مباشرة

وتضع الثورة نصب أعينها تنظيم مرحلة انتقالية مدتها عام على الأقل يتم فيها انجاز جملة من المهام الثورية الحاسمة وعلى رأسها:

- وضع دستور جديد لجمهورية برلمانية ذات مجلس نيابي واحد ( وبدون الدخول في مزيد من الجدل العقيم، فانني أتصور ببساطة، أن تقوم حكومة الدكتورشرف باعداد قائمتين كل منهما تتكون من 100 مرشح لعضوية الجمعية التأسيسية يمكن أن يحظى بالقبول العام والتوافق الشعبي عليه وذلك من أساتذة القانون الدستوري والقضاة والمحامين والشخصيات العامة وممثلين للمرأة وممثلين للفلاحين وللعمال ولرجال الأعمال الوطنيين وللقوات المسلحة وللشرطة ولبدو سيناء، وتعرض هذه الأسماء، ومعها المعلومات الأساسية عن كل مرشح وتاريخه وارائه ودوره الوطني، في الصحف والانترنت والتليفزيون ليتم نقاش حولها لمدة أسبوعين، ويتم منح فرصة لكل من هؤلاء المرشحين للحديث الى الشعب عبر التليفزيون والكتابة في الصحف في أوقات ومساحات تفرد لهذا الغرض. وتقوم الحكومة الشرفية بناء على تحليل هذا النقاش الواسع بالتوصل الى استنتاج قائمة واحدة من 100 عضو تطرح للنقاش مرة أخرى لمدة اسبوعين، ويقوم االمرشحون بالحديث والكتابة مرة أخرى. ثم يطرح المجلس العسكري القائمة للاستفتاء الشعبي. ويراعى أن يكون 50 عضوا من الجمعية من خبراء الدستور والقضاة والمحامين. واذا تمت الموافقة على الجمعية التاسيسية شعبيا، تبدأ عملها في وضع دستور جديد لجمهورية ديمقراطية برلمانية ذات مجلس نيابي واحد خلال مدة لاتتجاوز ستة أشهر، وتتم متابعة عملها شعبيا على أوسع نطاق، الى ان تستقر على صيغة نهائية لدستور يليق بمصر ويليق بدورها في بناء الحضارة الانسانية. ويطرح المجلس العسكري الدستور للاستفتاء الشعبي، فاذا أقره الشعب يقوم المجلس العسكري باعلان العمل بالدستور الجديد وتحديد مواعيد الانتخابات للبرلمان ولرئيس الجمهورية في وقت واحد، في تاريخ لايقل عن اثني عشر شهرا من تاريخ الاستفتاء الذي يقر الجمعية التأسيسية. فاذا سارت الأمور على هذا النحو، فسيكون لدينا جمعية تأسيسية أقرها الشعب في تاريخ يدور حول أول مايو 2011، وهكذا يكون الدستور جاهزا خلال 6 أشهر من هذا التاريخ وتكون الانتخابات للبرلمان ولرئيس الدولة في أول مايو 2012، وتكون مصر قد استضافت قواتها المسلحة في سلطة الدولة لمدة تبلغ نحو 14 شهرا و17 يوما. وتعود القوات المسلحة الى مواقعها ودورها الوطني الاعتيادي، بعد أن تكون قد عززت موقعها في قلب مصر وضمير شعب مصر العظيم)   

-  اطلاق الحريات العامة واقرار قوانين تطلق حريات تكوين الأحزاب وتأسيس الصحف ووسائل الاعلام وحريات التنظيم السياسي والنقابي والمدني وحريات التعبير والتظاهر والاعتصام السلمي. (وهذه القوانين يجب أن تصدر بها قرارات من المجلس العسكري على الفور، بناء على نصوص ديمقراطية للقوانين تقدمها حكومة الدكتور شرف)

 -  تنقية القوانين التي تحد من استقلال القضاء والنيابة العامة، والغاء كل أجهزة ومحاكم القضاء الاستثنائي، واعداد قوانين جديدة للسلطة القضائية ( وهذه مهام تنظمها حكومة الدكتور شرف وفق برنامج تضعه وتعرضه على الشعب)

- فصل مكتب الأمن الوطني الذي أعلن عنه وزير الداخلية عن وزارة الداخلية، وتبعيته لرئيس الوزراء أو لوزير دولة مستقل في المستقبل، واعداد قانون خاص بهذا المكتب يحدد وظائفه وضوابطه، واخضاعه لسلطة القضاء ورقابة البرلمان. واعادة تنظيم وزارة الداخلية، واعداد قانون جديد ينظم عملها ويحدد وظائفها بوضوح ويخضعها لسلطة القضاء. ولابد من صدور قرار من المجلس العسكري يؤكد الغاء جهاز أمن الدولة، ويعلن انشاء مكتب للامن الوطني مستقلا عن وزارة الداخلية، ويتبع رئيس الوزراء، ويخضع لاشراف وسلطة القضاء، الى ان يتم وضع القانون الخاص بهذا المكتب، كما يقوم السيد وزير الدخلية باعلان وجهة نظره وبرنامجه في اعادة تنظيم هذه الوزارة واخضاعها لاشراف القضاء وسلطته)

- تشكيل لجنة علمية تتبع رئيس الوزراء تكون مهمتها دراسة أوضاع التعليم العام والفني والجامعي والبحث العلمي في مصر لوضع خطة ثورية شاملة للنهوض بالتعليم والبحث العلمي في مصر خلال 10 سنوات، وكذلك تنظيم خطة عملية ثورية لمحو أمية المصريين تماما خلال عامين. تضم نواة هذه اللجنة الدكاترة أحمد زويل وفاروق الباز ورشدي سعيد ومحمد أبو الغار ومحمد غنيم ومجدي يعقوب وابراهيم بدران ومصطفى السيد على أن تضم في عضويتها الموسعة كل الخبرات العلمية المصرية في مصر وفي الخارج. وتشرف هذه اللجنة على التخطيط والتمويل والتنفيذ لبرامجها

- اعلان نوايا الحكومة فيما يخص تنفيذ حكم القضاء الخاص بالحد الأدنى للأجور، واعلان الحد الأقصى للأجور في مصربما لايتجاوز 18 ضعفا للحد الأدنى بأي حال من الأحوال

- احترام آلام الشعب ومطالبه من قبل الحكومة، والتعامل باستقامة وجدية مع مطالب العمال والفلاحين وباقي فئات الشعب، بدراسة المطالب وتقديم اجابة عادلة لها. ومن الممكن تعيين وزير تكون مهمته التعامل مع النضال المطلبي لقطاعات الشعب المختلفة، ونشر نتائج عمله على الشعب

           لقد توقعنا من المستشار البشري أن يكون صوتا للشعب كما كان على مدى الزمن وأن ينصح المجلس العسكري بخطأ خطته وبطلان قراره في اجراء تعديلات على دستور باطل لم يقره الشعب يوما، وعانى من مصطنعيه وحكامه الطغاة وآثاره المشئومة طيلة 40 سنة. وأن يوضح كذلك للمجلس العسكري أن واجبه الوطني هو أن يحسن أداء هذه المهمات التاريخية على أتم وجه، وأن يكون سباقا في ايجاد الحلول والاختيارات والظروف التي تذلل العقبات أمام أهداف ثورة الشعب المصري، وأن حجة ضيق الوقت كانت هي نفس حجة مبارك وعمر سليمان في فرض هذه التعديلات البائسة نفسها، فلا معنى على الاطلاق أن يحدد المجلس العسكري لنفسه مدة قسرية، لاتصلح لصنع التاريخ ولا تكفي لميلاد طفل، ليعود الجيش الى الثكنات، فيفرض على الشعب أن يقبل بدستور باطل وتعديلات باطلة وخطة ضارة بأهداف الثورة الأساسية في ارساء اسس وطن ديمقراطي حر ودولة ديمقراطية تقوم على أنقاض النظام الفاسد بما فيه رئيسه وحكومته ودستوره وبوليسه ورجاله واعلامه... كثمرة حلال مستحقة لثورة كبرى اختمرت في ضمير الأمة منذ قرون. والجيش بعد انهياره سنة 1967 قد احتاج لسنوات طوال والوطن تحت الاحتلال ليجهز قواه لحرب التحرير واقتحام القناة. نحن نريد بالضبط مايكفي من الوقت وليس أكثر، فنظم مبارك وسلفه قد أدت الى انهيار قوى الوطن، وجاءت الثورة كما تجيء الأحلام وكما تجيء المعجزات فأعلنت أن الوطن مازال حيا وأنه قادر على أن يجهز قواه لتحرير مصر من احتلال أنظمة فاسدة سحقته لمدة 40 سنة بكاملها. فمن يمكنه أن يقول لنا جهزوا قواتكم للتحرير خلال 6 أشهر؟ هل يبدو هذا معقولا بعد دمار عشرات السنين؟ هل تبغون أن تجهضوا جنين مصر وأملها؟

       ومن المؤسف أن المستشار البشري قد جانبه التوفيق بقبوله هذه المهمة فعزز قرار المجلس العسكري الذي جانبه التوفيق وشابه البطلان ووقف في وجه ارادة الشعب. ولو أنه اعتذر عن هذه المهمة لأدرك المجلس العسكري الخطأ وصحح مساره.

ثم ان المستشار البشري شرع في اتهام قوى الثورة بأنها تنادي بالديمقراطية لكنها تخاف منها. ونحن نأسف لذلك كذلك. فقوى الثورة مثلما لاتخشى من ديكتاتورية عسكرية، فهي بالأحرى لاتخشى ما ناضلت من أجله: الحرية. هاهنا خلط نرجو ألا يكون متعمدا.  قوى الثورة قامت لتدك أسس الديكتاتورية والدولة البوليسية وعصابات الأوليجاركية الحاكمة والمتحالفة مع العصابات الحاكمة في المنطقة العربية والمتحالفة كذلك مع أسوأ البؤر الصهيونية وأشدها عداء لنهوض مصر من سباتها ودمارها، وكذلك قامت الثورة لتنظف مصرمن الأعشاب الطفيلية التي نمت على مستنقعات عصور الفساد والتبعية والانهيار الوطني، وأعني قوى التخلف السياسي والاجتماعي باسم الاسلام أو باسم المسيحية في مصر كما في المنطقة العربية.

و كان على الثورة بعد أن أطاحت بالديكتاتور ثم بحكومة شفيق المعادية للثورة ثم نضالها الذي أدى حتى الآن الى مجرد حصار جهاز امن الدولة، كان عليها أن تتقدم لتطيح بالدستور العاهرلأنور السادات وحسني وجمال مبارك.  فهودستور باطل للأسباب التى سبق وعددناها. وكان على الثورة أن تشرع على الفور في بناء أسس الديمقراطية في مصر والتي تعني اقرار الشعب لدستور جديد واقرار قوانين تطلق الحريات السياسية والعامة. بدون الدستور الجديد للحرية وبدون قوانين اطلاق الحريات فان الديمقراطية تكون وهما وتكون مهزلة رخيصة. ونحن ماثرنا لنقبل الأوهام والمهازل بعد اليوم في أرضنا. لقد عشنا أوهاما ومهازل باسم الديمقراطية حتى أوشكت مصر أن تموت وتجف ينابيعها ويجف نهرها. هل يختلف أحد على أن أسس الديمقراطية في الوضع السياسي المصري الراهن تتلخص في دستور جديد وقوانين اطلاق الحريات؟ وبدون أن تحقق الثورة ذلك فليست هناك من ديمقراطية ولا حرية. هناك فحسب هزل ومسرحيات وخداع للشعب وللدم.

المستشار البشري ذكر مايلي بالحرف الواحد في حديثه الى جريدة الشروق يوم 4 مارس 2011:
 " نحن نجري تعديلات على دستور بنيت هياكله الأساسية على أن السلطة في مصر ذات محور أساسي واحد تقريبا هو رئيس الجمهورية"  
ثم يذكر البشري  " ...العمال والفلاحون ومجلس الشورى اذا أسقطناهم من الدستور القائم نكون تعرضنا الى هيكل الدستور"
ويستأنف في ردوده قائلا "قلت من قبل اننا نعدل بعض أحكام الدستور القائم" ...
ويرد على سؤال آخر" ... مع هذه الثورة يجب أن يوضع دستور جديد وكل التعديلات التي وضعناها هي لفترة مؤقتة انتقالية بين عهدين ونظامين ودستورين"          

اذا ترجمنا هذا الكلام فلن يختلف معنا المستشار البشري في قراءته بالطريقة التالية وعلى لسانه في جميع الأحوال:
" الدستور بنيت هياكله الأساسية لتصنع ديكتاتورا وطاغية ... ونحن لا نريد التعرض لهيكل الدستور ... واننا نعدل بعض أحكام الدستور القائم ... والتعديلات هي لفترة مؤقتة انتقالية بين عهدين ونظامين ودستورين ... مع هذه الثورة يجب أن يوضع دستور جديد"
يا اله السموات. كلمات قليلة بالغة الدلالة على فساد وانهيار مسألة التعديلات كلها على بعضها.
فالرجل يراه دستورا قائما. وهو في الواقع دستور باطل " غير قائم بالمرة" منذ عام 1971. وتأكد بطلانه على مدى الزمن. كان دائما قائما من وجهة نظر الديكتاتور ونظامه، وباطلا من وجهة نظر الشعب. لكن حتى الديكتاتور أسقط دستوره بنفسه وهو يرحل الى شرم الشيخ عندما استخدم تلك الكلمات الغريبة التي أرسل بها عمر سليمان ليقول أنه "تخلى" عن منصبه ، فليس في دستور الديكتاتور شيء من ذلك العبث،  من نوع "تخلي" الرئيس، رغم أنه دستور ونظام كله عبث، وكيف بعد ان تخلى الرئيس عن منصبه ولم يعد رئيسا يمكنه أن يكلف المجلس الأعلى بادارة شئون البلاد؟ أو يمكنه أن يكلف أي أحد بأي شيء؟ حتى مبارك اعترف ببطلان دستوره وسقوطه حينما لم يترك الأمر يؤول لفتحي سرور ليدير شئون البلاد كما ينص الدستور!  أما من وجهة نظر الثورة وارادة الشعب التي تجلت في الثورة فهو الف باطل. انه أمر منته تماما، انه مثل مبارك وشفيق وأمن الدولة وباقي الروث، كلها في مزبلة التاريخ.
والمستشار لايريد أن يتعرض لهيكل الدستور الذي طالما صنع الطغاة وأذل مصر ... فلماذا ياسيدي لاتفرم هذا الهيكل الفظيع بربك وقد واتتك الفرصة؟ ويكون رده: " لأننا نعدل "بعض" أحكام الدستور" ولماذا ياسيدي بعض الأحكام؟ لماذا بعضها فحسب؟ ألا نستحق شيئا أكثر من ذلك بعد كل هذا الغاز والرصاص المطاطي وغير المطاطي وتلسكوبات الليزر والسيوف والخيل والجمال وشفيق ؟ فيرد المستشار: "مع هذه الثورة يجب أن يوضع دستور جديد" شكرا سيدي المستشار!. لكن لماذا اذا نعدل الأحكام ونستفتي الناس على جيفة ميتة؟ فيرد علينا ردا لاعلاقة له بالسؤال: " التعديلات هي لفترة مؤقتة انتقالية بين عهدين ونظامين ودستورين" . ولماذا ياسيدي هذه الفترة المؤقتة الانتقالية؟ من الذي خلق هذا المفصل الصناعي المؤذي في جسد الثورة ومسارها؟ كوبري لالزوم له. مثل كوبري التحرير الذي بناه عثمان أيام السادات ثم أزالوه لحسن الحظ. ودفع الشعب المسكين كل فواتير الانشاء وكل فواتير ازالة الكوبري الشائه الفظيع القبيح الذي لم يكن له اي لزوم. من قال أنه يجب أن تكون هناك محطة ترانزيت بين عهدين ونظامين ودستورين؟ لقد سقط مبارك وشفيق وامن الدولة (كما قال اللواء العيسوي) والدستور والمجالس المزورة وتدفق رجال مبارك على النائب العام وعلى مصلحة السجون، ويبدو الأمر بهذا الشكل باعثا على التفاؤل.

ففي مصر اليوم قوتان كبيرتان: الثورة والجيش. أي أن العهد يصبح عهد الثورة وحدها، عهد واحد وليس عهدين، والنظام يصبح نظام الثورة وحدها، نظام واحد وليس نظامين، والدستور يجب أن يكون دستور الثورة وحدها، دستور الثورة وليس دستورين. فلماذا كل هذا الازدواج المفترض على غير أساس؟ والغرام بثنائيات لاوجود لها على الأرض؟ أنتم انما تبعثون عهدا انقضى ونظاما سقط ودستورا مات منذ أربعين سنة، ودفنته الثورة منذ أسابيع. والآمر هكذا فمصر لاتحتاج الى هذا "الفاصل .. ونواصل" على طريقة مروجي الاعلانات! وانما نحتاج فقط أن نواصل! قدما الى الأمام بلا مرد، لنصيغ دستور الحرية و قوانين الحريات، ولنعد بلادنا للديمقراطية والتقدم، للمجد والنور.

وحين تستعد بلادنا للديمقراطية وتتيح أدواتها الأساسية والضرورية، فان "المتخلفين المسلمين" سوف يظهرون على حقيقتهم، وسيلفظهم الشعب في صناديق الاقتراع كما في حياته الاجتماعية والسياسية. هذا التيار للتخلف السياسي والاجتماعي والثقافي باسم الاسلام أوباسم المسيحية، لم يكن لديه ابدا مشروعا مخلصا للمستقبل، لديه فحسب مشروع غبي منافق  للماضي. والشعب المصري قد حسم امره أخيرا، واختار مشروعه للمستقبل، باسم الوطن والوطنية والحرية. وميدان التحرير ظل شاهدا على ذلك. ونقسم بالوطن أنه سيظل شاهدا ووفيا لشهدائه.

الشعب المصري عانى الفقر والجوع وربط الأحزمة على البطون ولم يجد الخبز والماء والملح في ظل الذل والانكسار والنهب الذي فرضته عليه الأنظمة الساقطة. واليوم يقول الشعب لجيشه ألا يحزن وألا يخشى شيئا أو ضغوطا من أي كان على سطح الأرض. الشعب المصري سيقتسم كسرة الخبز ويربط الأحزمة على البطون في ظل الكرامة والعزة التي استردها بثورته، ولن ينحني أبدا لا هو ولا جيشه أمام أي ضغوط. سوف نصمد، ونبني وطننا وانا لغالبون.

ندعو الشعب المصري، أن يسقط التعديلات مع دستورها المذل المهين في استفتاء السبت 19 مارس 2011. وليكن يوما كبيرا آخر في حياة الوطن المفدى. يوما له مابعده!

عاش كفاح الشعب المصري من أجل الحرية والتقدم وبناء الوطن
المجد للثورة
المجد للشهداء

هناك تعليق واحد:

  1. ياريت كل واحد فينا ينشر الورقة دى على النت فى المنتديات والبلوجات ويطبعها ولو 100 نسخة ويوزعها على معارفه لفضح مخطط الإخوان وفلول الوطنى .. مش كفاية النت لازم نوزع ورق على الناس

    ((( لماذا يجب ان نرفض التعديلات الدستورية )))

    1) الثورة المصرية تعني سقوط النظام بكافة أشكاله التشريعية والدستورية مما يحتم علينا صياغة دستور جديد للأمة وهذا هو ما حدث فى جميع دول العالم التى قامت بها ثورات وليس ترقيع بعض المواد في الدستور ( وهى - للعجب - مواد اقترح تعديلها الرئيس المخلوع مبارك بنفسه !! )

    2) أن أي رئيس منتخب بناء على هذه التعديلات يمتلك أكثر من 34 صلاحية في الدستور مما يخلق فرعونا جديدا

    3) أن هذه التعديلات وما يتبعها من انتخابات لا تتيح لأبناء الثورة الغير منتمين لأحزاب أو جماعات سياسية تشكيل أحزاب قوية تواجه بقايا النظام مما يتيح - للأسف - عودة فلول الحزب الوطني الأكثر تنظيما وتدريبا على الانتخابات الى سدة الحكم

    4) أن حالة الانفلات الأمني الواضح في كافة إنحاء مصر لا تعطي الفرصة لانتخابات نزيهة فى ظل غياب معظم قوة الشرطة الفاعلة بالشارع فما بالكم بـ 7 انتخابات فى عام واحد .. مما يطعن الإستقرار الذى ينادون به فى مقتل

    5) ان استمرار بقايا النظام السابق والحزب الوطني الفاسد في الحياة السياسية هو ناقوس خطر لأي عملية سياسية فلا نزاهة بلا حل للحزب الوطني ولا حرية دون محاسبة الفاسدين من قيادات السلطة السابقة ولابد من محاسبة تسبق المصالحة

    6) بناء على التعديلات فإن قتلة السادات عبود الزمر وطارق الزمر لهم الحق فى الترشح للرئاسة بينما العالم الدكتور احمد زويل لا حق له فى ذلك بعد الإحجاف فى وضع محاذير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية

    7) من سيضع الدستور بناء على التعديلات سيكون 100 من أعضاء مجلسى الشعب والشورى .. بينما ننادى بأن يضعه متخصصون فى الدساتير وبقية قوى المجتمع ممثلة تمثيلا متوازنا وليس فقط عدد من أعضاء مجلسى الشعب والشورى لمجرد أنهم نجحوا فى الإنتخابات

    8) بناء على التعديلات فإن فترة مناقشة الدستور هى 15 يوما فقط .. مئات المواد تحتاج لأشهر عديدة للمناقشة وليس 15 يوما فقط لأن الدساتير لابد من التوافق عليها حتى تثبت حقوق الأكثرية وتحمى حقوق الأقلية

    9) التعديلات الحالية تخدم فصيلا واحدا هو الإخوان المسلمين مما يفسر لنا دعوة البعض للموافقه عليها فى ظل رفض عام من جميع التنظيمات السياسية والأحزاب المصرية والحركات وأغلبيه المثقفين والفقهاء الدستوريين ومنظمات المجتمع المدنى

    10) الموافقة على التعديلات تعنى أنه لا مكان للإستقرار فى مصر فبعد عدة أيام سيتم فتح باب الترشيح لإنتخابات مجلس الشعب وهكذا تدخل مصر فى انتخابات بينما السلاح يملأ الشوارع فبناءً على التعديلات فنحن مضطرون لإجراء الآتى :

    1- الإستفتاء على التعديلات ( بينما لم تأخذ حقها من المناقشة والتوضيح للشعب )
    2- إنتخابات مجلس الشعب ( فى ظل جاهزية الإخوان و فلول الوطنى فقط )
    3- إنتخابات مجلس الشورى ( بينما ننادى بإلغائه من الأساس )
    4- إنتخابات رئاسية ( فى ظل شروط عجيبة جدا قُصد بها إستبعاد أشخاص معينين )
    5- الإستفتاء على الدستور الدائم
    6- إعادة الإنتخابات الرئاسية حيث انها ستكون مخالفة للدستور الجديد الذى سيتم إلغاؤه
    7 - وكذلك إعادة الإنتخابات التشريعية حين يتم الغاء مجلس الشورى وإقرار مبادىء أخرى لمجلس الشعب كإلغاء الكوته
    ونسبة ال 50% عمال وفلاحين وربما تعديل نظام الحكم إلى برلمانى أو إلى برلمانى رئاسى
    فهل تتحمل ظروف البلد 7 إنتخابات فى عام واحد .. معقول هذا هو الإستقرار الذى ينادون به ؟

    بينما إذا رفضنا التعديلات فسنتبع الخطى التى قامت بها جميع الثورات فى العالم كله وهى :

    1- تعيين هيئة تأسيسية من كافة أطياف المجتمع المصرى وتوجهاته لصياغة دستور جديد ثم تبدأ فترة مناقشات علنية حول
    مواده ثم استفتاء عليه
    2- إنتخابات مجلس الشعب بناءً على الدستور الجديد
    3- إنتخابات رئاسية

    وبعد انتخابات الرئاسة يتسلم الرئيس المنتخب السلطة من المجلس العسكرى أى ثلاث انتخابات فقط وستسبقها فترة إعداد الدستور ومناقشته مما يسمح للبلد بإستتباب الأمن واستقرار البلد

    - مصر محكومة عسكريا من 60 سنة وحجة الخوف من الحكم العسكرى حجة ساقطة لأن وقت السيناريو الرافض للتعديلات أقصر من سيناريو القبول بالتعديلات والترقيع ..

    -------------------------------------------------
    ملحوظة :
    رابط بى دى إف لتسهيل طباعة الورقة مباشرة : حق الشهيد .. دستور جديد

    http://links-share.com/why_no.pdf

    وشوف المرشد بيتهمنا بإيه .. حاجة تجنن نفس كلام الحزب الوطنى
    http://www.akhbarak.net/article/2391343

    ردحذف