يونيو 23، 2011

حيرة الثورة المصرية



على هامش ١٢ مقطعا للفيديو ليوم ٢٥ يناير في مصر، من مجموعة الصحفية نوارة نجم
http://bit.ly/iT2fRl






رهيب هذا العرض لمقاطع الفيديو. انها ثورة حقيقية، فريدة من نوعها

وهي ثورة تثير الرعب والقشعريرة في أوصالهم، من البيت الابيض وحتى جنرالات مدينة نصر، وحكام الرياض، وحكام تل ابيب

جميع الشياطين فقدت قدرتها على النوم منذ ٢٥ يناير الرهيب. وهم يحاولون باستماتة اخماد هذه الثورة المصرية بالذات، لكنهم غير واثقين من بلوغ هدفهم على الاطلاق، فالشعب المصري قد علَم على مؤخراتهم علامة تبدو أبدية، مؤلمة جدا. أحدث فيهم الشعب المصري عاهة دائمة، ربما يذكرهم، بطريقة أخرى، بالعاهة التي أحدثها في طغاة العالم جميعا شعب فييتنام، في سياق آخر

الامريكيون وحلفاؤهم الكبار والصغار وباقي العالم والصهاينة، جميعهم، ينحشرون منذ سنوات في نفق مظلم لأزمة طاحنة تمسك برقبة نظامهم الاقتصادي الاجتماعي والسياسي والثقافي بكامله

كل ثوابتهم وجبروتهم وغرورهم وعجرفتهم وادعاءاتهم الزائفة، تتمرغ في الوحل منذ السقوط المدوي لحرب بوش على الارهاب، واتجاه النظام المالي للصوص الدوليين الى السقوط

والآن، يطرح كل النظام الغربي وفلسفته وافكاره وواقعه الاجتماعي والاقتصادي للنقاش من جديد، بعد أن روجوا لاطمئنانهم الهزلي بتنظيرات فوكوياما وغيره لنهاية التاريخ بعد سقوط سور برلين وانهيار المحاولة الاولى للبشرية لبناء نظام اجتماعي اكثر انسانية وعدلا


لقد انتهت مرحلة مابعد الحرب الباردة، وبروزالولايات المتحدة بوصفها شرير الشاشة العالمية بلا منازع، وانفتح الطريق أمام الأزمة والثورة على الصعيد العالمي، من جديد

نعم، العالم يدخل عصر الثورات الجماهيرية الكبرى مرة أخرى، كما كان الحال في القرن الثامن عشر والقرن العشرين. فالعالم قد دخل الى أزمة شاملة طاحنة، ولابد من تغيير العالم ليحقق أمنيات الانسانية، أمنيات البشر المحترمين، والكادحين المطحونين 
وهذه هي الثورة


أسمع زحف الملايين الثائرة الآتي في كل مكان، من طوكيو الى واشنطن، ومن بكين الى موسكو، ومن مدريد الى برلين، ومن الخرطوم الى بريتوريا، ومن مانيلا الى كاراكاس، ومن نيودلهي الى كانبيرا

هذا ليس ربيع العرب، لكنه ربيع العالم بأسره. فكل الشعوب حالا سوف تهتف حتى ترج المجرة: الشعب يريد اسقاط النظام! وكل الشعوب سوف ترفع شعار القاهرة الثائرة: عيش - حرية - عدالة اجتماعية

في العالم مايكفي من الخير، حتى لايكون هناك جائع، في أربعة أركان الأرض، والحرية والكرامة الانسانية ممكنة، بأفضل مما زيفها سادة العالم الفاسدون، وفي الكوكب عمل يكفي لكل البشر لقاء أجر كريم، وبيت ومستشفى ومدرسة وحديقة لكل البشر
حلم البشرية كلها واحد: تغيير العالم
وسوف يتغير العالم


تجىء الثورة المصرية ودلالاتها العابرة للحدود في وقت قاتل بالنسبة لهذا النظام العالمي الذي يتفكك وينهار ويدخل في الفوضى. الثورة المصرية مزعجة في موسكو، وحتى في بكين ونيودلهي، والاتحاد الاوروبي، ناهينا عن العاهات من الحكام السفلة في عواصم المنطقة العربية كلها. الاسبان واليونانيون والانجليز عبروا بوضوح عن الالهام الذي منحته اياهم ثورة المصريين


جزء من المشكلة التي تواجه الثورة المصرية هو حيرتها، وهي ترى أن المنجزات الكبيرة للبشرية تبدو عاجزة، وبعيدة عن أن تكون نموذجية وملهمة. فالديمقراطية والنظام الانتخابي، حسبما آل اليه الحال على يد العصابات المالية في الغرب،  يأتي بجورج بوش بدلا من المرة مرتين في البيت الأبيض، ويأتي ببرلسكوني عدة مرات، ويأتي بأمثال نيكولا ساركوزي في بلد كفرنسا


والنظام الاجتماعي يصبح أقل عدلا، وأكثر عداء لمصالح وحياة الغالبية الكبرى من سكان البلاد المتطورة والمتخلفة على حد سواء. يتدهور مستوى معيشة الملايين من الناس في العالم بسرعة، تحت وطأة النظام الذي يتحكم فيه اندماج عصابات المال والعسكر والاحتكارات الصناعية الكبرى، بما فيها احتكارات الطاقة والغذاء والميديا، علي قمة هذه المجتمعات، وقمة العالم


فالثورة المصرية ترى النموذج الديمقراطي الغربي الملهم، وقد أصابه العطب، وترى النظام الاجتماعي الغربي القائم على اقتصاد السوق والبورصة والمضاربة وشن الحروب الوحشية وقد أصبح أكثر عجزا وابتعادا عن أن يقدم للناس حياة كريمة انسانية


أي أن الثورة المصرية عليها أن تجتهد مع المجتهدين في العالم لتعالج فساد النظام الديمقراطي في السياسة، ولتنظم الامور بطريقة أخرى في الاقتصاد ليكون المجتمع أكثر عدالة وانسانية لكل الناس


هكذا يتحتم على المصريين أن يقوموا بالواجب الانساني النبيل بانجاز ثورة مركبة: في السياسة وفي الاقتصاد الاجتماعي وفي الافكار. وأظن أن مصر تعيش اختمارا تاريخيا لذلك كله


والجانب العسكري في الوظائف الاجتماعية سوف يناله تغيير شامل في هذا الاطار بدون ادنى شك، بطبيعة الحال


أتيح لي أن أشهد نقاشا أداره المبجل بلال فضل على قناة التحرير، مع مجموعة من الشباب، ولفت نظري أن أحدهم، واسمه على الأغلب وائل خليل، قد استخدم تعبيرا ملهما ينتمي الى موقف سيارات أحمد حلمي، فقد قال هذا الشاب، وهو يبتسم بهدوء ويقين: ان الشعب المصري قد ركب، وقضي الأمر، ولن تنزله أية قوة، مرة أخرى


وأشعر أن هذا الشاب قد أصاب كبد الحقيقة، وبما يفقع مرارة حكام مدينة نصر، الذين يلهون في الفاصل مابين شوطين. فنحن رأينا فحسب الفصل الأول من كتاب الثورة المصرية، ولن تستطيع قوة على الأرض أو السماء أن توقف هذه الملايين الباسلة عن كتابة باقي فصول الكتاب

وأن نشهد هذا في عمرنا، أو بعد أن نموت، شهداء أو موتة البعير، فذلك أمر أقل أهمية، أيتها المبجلة نوارة نجم

هناك تعليق واحد:

  1. يا أستاذ أحمد، كلامك يدل على اطلاع وفهم عميقين. أدعوك للاطلاع على الفكر الجمهورى فى الرابط أدناه، فهو من وجهة نظرى ماتبحث عنه وتنشده الانسانية :

    http://www.alfikra.org/index.php

    ردحذف