يونيو 09، 2011

ألف من ورود يناير على قبر أحمد


تعليق على مقال احمد الخميسي في البديل في ذكرى الوطني المصري أحمد عبداللهhttp://bit.ly/lsNjkA

أحمد؟ قتله اليأس. بعد أن صلى أربعين سنة لثورة لاتأتي، بل توغل في الابتعاد، وشعب حطمته الطواحين المتوحشة، حتى بدا عاجزا عن الثورة

وحين أوى الى تراب بلاده ليستريح، فقد ماتت معه قطع من قلوبنا

لمحته لآخر مرة في مصر، كان يسير وحيدا حزينا منهدما، ومتأملا، قبل عشر سنوات من النهاية، التي بدت عليه واضحة من بعيد

وتحشرجت في صدري قصة جيلنا الذي توهج يوما، وامتلأ بالأمل في انقاذ مصر بعد نكبة ١٩٦٧، واندفع بلا حساب ليقاوم سلب مصر شرفها وعافيتها وأخلاقها ووطنيتها على أيدي نظام السادات الذي ركع تماما أمام قوى الشر في عالمنا

وانتصرت في الصراع منظومة الجبناء عديمي الشرف، ولوثوا الأرض والشعب والتاريخ، وجروها جميعا الى ظلام قذر فريد

ما جرى لمصر، أفظع من خيال الشيطان

وأحمد، كان زعيما موازيا لمغني الوطنية مصطفى كامل. أحدهما سطع في الظلام المصري لأول القرن، والثاني في الظلام الأشد لنهايات القرن المصري العشرين. وكلاهما صرعهما عصران من الظلام والانحطاط أمسكا برقبة مصر

وكتابة الخميسي وجليلة ومصطفى نور الدين عكست بصدق بالغ تجربة كل منهم مع هذا الجهاز الانساني العجيب الذي كانه أحمد عبدالله. كان مجنونا رائعا، تبرره ضرورات الجنون في هذا الوطن، وعاقلا مفكرا رائعا بنفس القدر، وشريفا يصارع الأنذال والتجار والبائعين لكل شيء، لكل شيء

ولم يعاقب أحد من جيل السبعينيات في مصر بقدر ماعوقب أحمد من عهدي السادات ومبارك

وحين غسل الصحون في انجلترا ليكتب أطروحة الدكتوراه البديعة عن الحركة الطلابية ، ويستكمل أدواته العلمية ويعود للوطن، فقد أغلقت في وجهه بوحشية استثنائية كل الأبواب التي هو من اعظم فرسانها، فأغلقت الجامعة في وجهه ومركز الأهرام الشهير وكل مراكز البحث والصحافة. وانخرط في نشاطه الأهلي النبيل مع أطفال المدابغ في عين الصيرة، وأخذ يجوب العالم وهو موضع ترحيب ليلقي محاضراته، وكتب عددا من الكتب القيمة

ولما وصل الانحطاط في مصر الى حد المناداة بلص الديون وابن اكبر لصوص التاريخ  جمال مبارك ليكون رئيسا، فقد صرخ احمد عبد الله في القاهرة صرخته الأخيرة: يكون ذلك على جثتي

كان أحمد معجونا من طهر مصر الأخرى، التي حلم بها، فبدا وكأنه من خارج الزمن والمكان 

ورأيت في عيون عديدين من شباب  وشابات ٢٠١١، وفي ملامحهم، وفي جموحهم الجميل، مايؤكد أن جينات أحمد حية، وأنها قد سحقت حلم الوريث وأبيه،  وستسحق الأحلام النذلة لعسكر مبارك والسياسة الأمريكية والصهيونية والسعودية

سيكون النصر لجينات أحمد المصري، الفقير، الشريف، العالم، الحالم، المجنون بالوطن
وعلى موضع أحمد من تراب مصر، نضع باحترام ألفا من ورود يناير


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق